كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 4)
تَفْقَهُوا، فَإِنَّ حَابِيًا خَيْرٌ مِنْ زَاهِقٍ، وَإِنَّ جَرْعَةً مِنْ شَرُوبٍ بَارِدٍ أَنْفَعُ مِنْ عَذَبٍ مُوبٍ، أَنْتُمْ أَئِمَةٌ يُهْتَدَى بِكُمْ، وَعُلَمَاءُ يُصْدَرُ إِلَيْكُمْ، فَلا تَفُلُّوا الْمَدَى بِالاخْتِلافِ بَيْنَكُمْ، وَلا تَغْمِدُوا السُّيُوفَ عَنْ أَعْدَائِكُمْ، فَتُوتِرُوا ثَأْرَكُمْ، وَتُؤْلِتُوا أَعْمَالَكُمْ، لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ، وَلِكُلِّ بَيْتٍ إِمَامٌ بِأَمْرِهِ يَقُومُونَ، وَبِنَهْيِهِ يَرْعَوْنَ. قَلِّدُوا أَمْرَكُمْ وَاحِدًا مِنْكُمْ تَمْشُوا الْهُوَيْنَى وَتَلْحَقُوا الطَّلَبَ، لَوْلا فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ، وَضَلالَةٌ حَيْرَاءُ، يَقُولُ أَهْلُهَا مَا يَرَوْنَ، وَتَحِلُّهُمُ الْحَبَوْكَرَى مَا عَدَتْ نِيَّاتُكُمْ مَعْرِفَتَكُمْ، وَلا أَعْمَالُكُمْ نِيَاتِكُمْ احْذَرُوا نَصِيحَةَ الْهَوَى، وَلِسَانَ الْفُرْقَةِ، فَإِنَّ الْحِيلَةَ فِي الْمَنْطِقِ أَبْلَغُ مِنَ السُّيُوفِ فِي الْكَلِمِ، عَلِّقُوا أَمْرَكُمْ رَحْبَ الذِّرَاعِ فِيمَا حَلَّ، مَأْمُونُ الْغَيْبِ فِيمَا نَزَلَ، رِضًا مِنْكُمْ وَكُلُّكُمْ رِضًا، وَمُقْتَرَعًا مِنْكُمْ وَكُلُّكُمْ مُنْتَهَى، لا تُطِيعُوا مُفْسِدًا يَنْتَصِحُ، وَلا تُخَالِفُوا مُرْشِدًا يَنْتَصِرُ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
ثم تكلم عثمان بن عفان، فقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اتَّخَذَ مُحَمَّدًا نَبِيًّا، وَبَعَثَهُ رَسُولا، صَدَقَهُ وَعْدَهُ، وَوَهَبَ لَهُ نَصْرَهُ عَلَى كُلِّ مَنْ بَعُدَ نَسَبًا، أَوْ قَرُبَ رَحِمًا، ص، جَعَلَنَا اللَّهُ لَهُ تَابِعِينَ وَبِأَمْرِهِ مُهْتَدِينَ، فَهُوَ لَنَا نُورٌ، وَنَحْنُ بِأَمْرِهِ نَقُومُ، عِنْدَ تَفَرُّقِ الأَهْوَاءِ، وَمُجَادَلَةِ الأَعْدَاءِ، جَعَلَنَا اللَّهُ بِفَضْلِهِ أَئِمَّةً وَبِطَاعَتِهِ أُمَرَاءَ، لا يَخْرُجُ أَمْرُنَا مِنَّا، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْنَا غَيْرُنَا إِلا مَنْ سَفِهَ الْحَقَّ، ونكل عن القصد، واحر بها يا بن عوف ان تترك، واحذر بِهَا أَنْ تَكُونَ إِنْ خُولِفَ أَمْرُكَ وَتُرِكَ دُعَاؤُكَ، فَأَنَا أَوَّلُ مُجِيبٍ لَكَ، وَدَاعٍ إِلَيْكَ، وَكَفِيلٍ بِمَا أَقُولُ زَعِيمٌ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ.
ثُمَّ تَكَلَّمَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ بَعْدَهُ، فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ دَاعِيَ اللَّهِ لا يُجْهَلُ، وَمُجِيبَهُ لا يُخْذَلُ، عِنْدَ تَفَرُّقِ الأَهْوَاءِ وَلَيِّ الأَعْنَاقِ، وَلَنْ يَقْصُرَ عَمَّا قُلْتُ إِلا غوى،
الصفحة 235