كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 4)

ضرسوا، والمجنبات عَلَى حالها، لا تصنع شَيْئًا، ومع علي أقوام غير مضر، فمنهم زَيْد بن صُوحَانَ، فَقَالَ لَهُ رجل من قومه: تنح الى قومك، ما لك ولهذا الموقف! ألست تعلم أن مضر بحيالك، وأن الجمل بين يديك، وأن الموت دونه! فَقَالَ: الموت خير من الحياة، الموت مَا أريد، فأصيب وأخوه سيحان، وارتث صعصعة، واشتدت الحرب فلما رَأَى ذَلِكَ علي بعث إِلَى اليمن وإلى رَبِيعَة: أن اجتمعوا عَلَى من يليكم، فقام رجل من عبد القيس فَقَالَ: ندعوكم إِلَى كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، قَالُوا: وكيف يدعونا إِلَى كتاب اللَّه من لا يقيم حدود اللَّه سُبْحَانَهُ، ومن قتل داعي اللَّه كعب بن سور! فرمته رَبِيعَة رشقا واحدا فقتلوه، وقام مسلم بن عَبْدِ اللَّهِ العجلي مقامه، فرشقوه رشقا واحدا، فقتلوه، ودعت يمن الْكُوفَة يمن الْبَصْرَة فرشقوهم كَتَبَ إِلَيَّ السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وَطَلْحَةَ، قَالا: كَانَ القتال الأول يستحر إِلَى انتصاف النهار، وأصيب فِيهِ طَلْحَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وذهب فِيهِ الزُّبَيْر، فلما أووا إِلَى عَائِشَة وأبى أهل الْكُوفَة إلا القتال، ولم يريدوا إلا عَائِشَة، ذمرتهم عَائِشَة، فاقتتلوا حَتَّى تنادوا فتحاجزوا، فرجعوا بعد الظهر فاقتتلوا، وَذَلِكَ يوم الخميس فِي جمادى الآخرة، فاقتتلوا صدر النهار مع طَلْحَة وَالزُّبَيْر، وفي وسطه مع عَائِشَة، وتزاحف الناس، فهزمت يمن الْبَصْرَة يمن الْكُوفَة، وربيعة الْبَصْرَة رَبِيعَة الْكُوفَة، ونهد علي بمضر الْكُوفَة إِلَى مضر الْبَصْرَة، [وَقَالَ: إن الموت ليس مِنْهُ فوت، يدرك الهارب، وَلا يترك المقيم] .
حَدَّثَنِي عُمَرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ القرشي، عن يونس بن أَرْقَمَ، عن عَلِيّ بن عَمْرو الكندي، عن زَيْد بن حساس، قَالَ: سمعت محمد بن الحنفية يقول: دفع إلي أبي الراية يوم الجمل، وَقَالَ: تقدم، فتقدمت حَتَّى لم أجد متقدما إلا عَلَى رمح، قَالَ:
تقدم لا أم لك! فتكأكأت وقلت: لا أجد متقدما إلا عَلَى سنان رمح،

الصفحة 514