كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 4)

أَضْرِبُهُمْ وَلا أَرَى أَبَا حَسَنْ ... كَفَى بِهَذَا حُزْنًا مِنَ الْحزَنْ
إِنَّا نَمُرُّ الأَمْرَ إِمْرَارَ الرَّسَنْ.
فَزَعَمَ الْهُذَلِيُّ أَنَّ هَذَا الشِّعْرَ تَمَثَّلَ به يوم صفين وعرض عمار لعمرو ابن يَثْرِبِيٍّ- وَعَمَّارٌ يَوْمَئِذٍ ابْنُ تِسْعِينَ سَنَةً، عَلَيْهِ فَرْوٌ قَدْ شَدَّ وَسَطَهُ بِحَبْلٍ مِنْ لِيفٍ- فَبَدَرَهُ عَمْرُو بْنُ يَثْرِبِيٍّ فَنَحَّى لَهُ دَرَقَتَهُ فَنَشَبَ سَيْفَهُ فِيهَا، وَرَمَاهُ النَّاسُ حَتَّى صُرِعَ وَهُوَ يَقُولُ:
إِنْ تَقْتُلُونِي فَأَنَا ابْنُ يَثْرِبِيٍّ ... قَاتِلُ عِلْبَاءَ وَهِنْدَ الْجَمَلِيَّ
ثُمَّ ابْنَ صُوحَانَ عَلَى دِينِ عَلِيِّ.
وَأُخِذَ أَسِيرًا حَتَّى انْتُهِيَ بِهِ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: اسْتَبْقِنِي فَقَالَ: أَبَعْدَ ثَلاثَةٍ تُقْبِلُ عَلَيْهِمْ بِسَيْفِكَ تَضْرِبُ بِهِ وُجُوهَهُمْ! فامر به فقتل.
وَحَدَّثَنِي عُمَرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مِخْنَفٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
مَشَيْتُ يَوْمَ الْجَمَلِ وَبِي سَبْعٌ وَثَلاثُونَ جِرَاحَةً مِنْ ضَرْبَةٍ وَطَعْنَةٍ، وَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ يَوْمِ الْجَمَلِ قَطُّ، مَا يَنْهَزِمُ مِنَّا أَحَدٌ، وَمَا نَحْنُ إِلا كَالْجَبَلِ الأَسْوَدِ، وَمَا يَأْخُذُ بِخِطَامِ الْجَمَلِ أَحَدٌ إِلا قُتِلَ، فَأَخَذَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَتَّابٍ فَقُتِلَ، فَأَخَذَهُ الأَسْوَدُ بْنُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ فَصُرِعَ، وَجِئْتُ فَأَخَذْتُ بِالْخِطَامِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَتْ: وَاثُكْلَ أَسْمَاءَ! وَمَرَّ بِي الأَشْتَرُ، فَعَرَفْتُهُ فَعَانَقْتُهُ، فَسَقَطْنَا جَمِيعًا، وَنَادَيْتُ: اقْتُلُونِي وَمَالِكًا، فَجَاءَ نَاسٌ مِنَّا وَمِنْهُمْ، فَقَاتَلُوا عَنَّا حَتَّى تَحَاجَزْنَا، وَضَاعَ الْخِطَامُ، [وَنَادَى عَلِيٌّ: اعْقِرُوا الْجَمَلَ، فَإِنَّهُ إِنْ عُقِرَ تَفَرَّقُوا،] فَضَرَبَهُ رَجُلٌ فَسَقَطَ، فَمَا سَمِعْتُ صَوْتًا قَطُّ أَشَدَّ مِنْ عَجِيجِ الْجَمَلِ.
وَأَمَرَ عَلِيٌّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَضَرَبَ عَلَيْهَا قُبَّةً، وَقَالَ: انْظُرْ، هَلْ وَصَلَ إِلَيْهَا شَيْءٌ؟ فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتَ؟ وَيْلُكَ! فَقَالَ: أَبْغَضُ أَهْلِكِ إِلَيْكِ، قَالَتِ: ابْنُ الْخَثْعَمِيَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَاكَ

الصفحة 519