كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 4)

بعدهما وال فأحدث أحداثا، فوجدت الأمة عَلَيْهِ مقالا فَقَالُوا، ثُمَّ نقموا عَلَيْهِ فغيروا، ثُمَّ جاءوني فبايعوني، فأستهدي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بالهدى، واستعينه على التقوى أَلا وإن لكم علينا العمل بكتاب اللَّه وسنه رسوله ص، والقيام عَلَيْكُمْ بحقه والتنفيذ لسنته، والنصح لكم بالغيب، وَاللَّه المستعان، وحسبنا اللَّه ونعم الوكيل وَقَدْ بعثت إليكم قيس بن سَعْدِ بْنِ عبادة أميرا، فوازروه وكانفوه، وأعينوه عَلَى الحق، وَقَدْ أمرته بالإحسان إِلَى محسنكم، والشدة عَلَى مريبكم، والرفق بعوامكم وخواصكم، وَهُوَ ممن أرضى هديه، وأرجو صلاحه ونصيحته أسأل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لنا ولكم عملا زاكيا، وثوابا جزيلا، ورحمة واسعة، والسلام عَلَيْكُمْ ورحمة اللَّه وبركاته.
وكتب عبيد اللَّهِ بن أبي رافع فِي صفر سنة ست وثلاثين.
قَالَ: ثُمَّ إن قيس بن سَعْد قام خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى محمد ص، وَقَالَ: الحمد لِلَّهِ الَّذِي جَاءَ بالحق، وأمات الباطل، وكبت الظالمين أَيُّهَا النَّاسُ، إنا قَدْ بايعنا خير من نعلم بعد مُحَمَّد نبينا ص، فقوموا أَيُّهَا النَّاسُ فبايعوا عَلَى كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن نحن لم نعمل لكم بِذَلِكَ فلا بيعة لنا عَلَيْكُمْ.
فقام الناس فبايعوا، واستقامت لَهُ مصر، وبعث عَلَيْهَا عماله، إلا أن قرية منها يقال لها: خربتا فِيهَا أناس قَدْ أعظموا قتل عُثْمَان بْن عَفَّانَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وبها رجل من كنانة ثُمَّ من بني مدلج يقال لَهُ يَزِيد بن الْحَارِث من بني الْحَارِث بن مدلج فبعث هَؤُلاءِ إِلَى قيس بن سَعْد: إنا لا نقاتلك فابعث عمالك، فالأرض أرضك، ولكن أقرنا عَلَى حالنا حَتَّى ننظر إِلَى مَا يصير أمر الناس.
قَالَ: ووثب مسلمة بن مخلد الأَنْصَارِيّ، ثُمَّ من ساعده من رهط قيس ابن سَعْدٍ، فنعى عُثْمَان بن عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ودعا إِلَى الطلب بدمه، فأرسل

الصفحة 549