كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 4)

إِلَيْهِ قيس بن سَعْد: ويحك، علي تثب! فو الله مَا أحب أن لي ملك الشام إِلَى مصر وأني قتلتك فبعث إِلَيْهِ مسلمة: إني كاف عنك مَا دمت أنت والي مصر.
قَالَ: وَكَانَ قيس بن سَعْد لَهُ حزم ورأي، فبعث إِلَى الَّذِينَ بخربتا:
إني لا أكرهكم عَلَى البيعة، وأنا أدعكم وأكف عنكم فهادنهم وهادن مسلمه بن مخلد، وجبى الخراج، ليس أحد مِنَ النَّاسِ ينازعه.
قَالَ: وخرج أَمِير الْمُؤْمِنِينَ إِلَى أهل الجمل وَهُوَ عَلَى مصر، ورجع إِلَى الْكُوفَةِ مِنَ الْبَصْرَةِ وَهُوَ بمكانه، فكان أثقل خلق اللَّه عَلَى مُعَاوِيَة بن أَبِي سُفْيَانَ لقربه من الشام، مخافة أن يقبل إِلَيْهِ علي فِي أهل العراق، ويقبل إِلَيْهِ قيس بن سَعْد فِي أهل مصر، فيقع مُعَاوِيَة بينهما.
وكتب مُعَاوِيَة بن أَبِي سُفْيَانَ إِلَى قيس بن سَعْدٍ- وعلي بن أبي طالب يَوْمَئِذٍ بالكوفة قبل أن يسير إِلَى صفين:
من مُعَاوِيَة بن أَبِي سُفْيَانَ إِلَى قيس بن سَعْدٍ سلام عَلَيْك، أَمَّا بَعْدُ، فإنكم إن كنتم نقمتم على عثمان بن عفان رضي الله عنه فِي أثرة رأيتموها، أو ضربة سوط ضربها، أو شتيمة رجل، أو فِي تسييره آخر، أو فِي استعماله الفتى، فإنكم قَدْ علمتم- إن كنتم تعلمون- أن دمه لَمْ يَكُنْ يحل لكم، فقد ركبتم عظيما من الأمر، وجئتم شَيْئًا إدا، فتب إِلَى اللَّهِ عَزَّ وجل يا قيس ابن سَعْدٍ فإنك كنت فِي المجلبين عَلَى عُثْمَانَ بن عفان- إن كَانَتِ التوبة من قتل المؤمن تغني شَيْئًا- فأما صاحبك فإنا استيقنا أنه الَّذِي أغرى بِهِ الناس، وحملهم عَلَى قتله حَتَّى قتلوه، وأنه لم يسلم من دمه عظم قومك، فإن استطعت يَا قيس أن تكون ممن يطلب بدم عُثْمَان فافعل تابعنا عَلَى أمرنا، ولك سلطان العراقين إذا ظهرت مَا بقيت، ولمن أحببت من أهل بيتك سلطان الحجاز مَا دام لي سلطان، وسلني غير هَذَا مما تحب، فإنك لا تسألني

الصفحة 550