كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 6)

أخيه، وعلى ميسرته عبد ربه السلمي، وخرج هو في الخيل والرجال وقال:
يا أهل الشام، إنكم إنما تقاتلون العبيد الأباق، وقوما قد تركوا الإسلام وخرجوا منه، ليست لهم تقيه، ولا ينطقون بالعربية، قال: فو الله إن كنت لأحسب أن ذلك كذلك حتى قاتلناهم، قال: فو الله ما هو إلا أن اقتتل الناس إذا رجل من أهل العراق يعترض الناس بسيفه وهو يقول:
برئت من دين المحكمينا ... وذاك فينا شر دين دينا
ثم إن قتالنا وقتالهم اشتد ساعة من النهار، ثم إنهم هزمونا حين ارتفع الضحى فقتلوا صاحبنا، وحووا عسكرنا، فخرجنا منهزمين حتى تلقانا عبد الله بن حملة على مسيرة ساعة من تلك القرية التي يقال لها بنات تلي، فردنا، فأقبلنا معه حتى نزل بيزيد بن أنس، فبتنا متحارسين حتى أصبحنا فصلينا الغداة، ثم خرجنا على تعبئه حسنة، فجعل على ميمنته الزبير بن خزيمة، من خثعم، وعلى ميسرته ابن أقيصر القحافي من خثعم، وتقدم في الخيل والرجال، وذلك يوم الأضحى، فاقتتلنا قتالا شديدا، ثم إنهم هزمونا هزيمة قبيحة، وقتلونا قتالا ذريعا، وحووا عسكرنا، وأقبلنا حتى انهينا إلى عبيد الله بن زياد فحدثناه بما لقينا.
قال أبو مخنف: وحدثني موسى بن عامر، قال: أقبل إلينا عبد الله بن حملة الخثعمي، فاستقبل فل ربيعة بن المخارق الغنوي فردهم، ثم جاء حتى نزل ببنات تلي، فلما أصبح غادوا وغادينا، فتطاردت الخيلان من أول النهار، ثم انصرفوا وانصرفنا، حتى إذا صلينا الظهر خرجنا فاقتتلنا، ثم هزمناهم.
قال: ونزل عبد الله بن حملة فأخذ ينادي أصحابه: الكرة بعد الفرة، يا أهل السمع والطاعة، فحمل عليه عبد الله بن قراد الخثعمي فقتله، وحوينا عسكرهم وما فيه، وأتي يزيد بن انس بثلاثمائة اسير وهو في السوق، فاخذ يومىء بيده أن اضربوا أعناقهم، فقتلوا من عند آخرهم.
وقال يزيد بن أنس: إن هلكت فأميركم ورقاء بن عازب الأسدي، فما أمسى حتى مات، فصلى عليه ورقاء بن عازب ودفنه، فلما رأى ذلك أصحابه أسقط في أيديهم، وكسر موته قلوب أصحابه، وأخذوا في دفنه،

الصفحة 42