كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 6)

على ما صالح عليه قتيبة، فقد ما البلد، فخرجوا إليهما فرموهما، فانصرف الرجل وأقام عياش الغنوي فقال: اما هاهنا مسلم! فخرج إليه رجل من المدينة فقال: أنا مسلم، فما تريد؟ قال: تعينني على جهادهم، قال:
نعم، فقال له عياش: كن خلفي لتمنع لي ظهري، فقام خلفه- وكان اسم الرجل المهلب- فقاتلهم عياش، فحمل عليهم، فتفرقوا عنه، وحمل المهلب على عياش من خلفه فقتله، فوجدوا به ستين جراحة، فغمهم قتله، وقالوا: قتلنا رجلا شجاعا.
وبلغ قتيبة، فسار إليهم بنفسه، وأخذ طريق بلخ، فلما أتاها قدم أخاه عبد الرحمن، واستعمل على بلخ عمرو بن مسلم، وكان ملك شومان صديقا لصالح بن مسلم، فأرسل إليه صالح رجلا يأمره بالطاعة، ويضمن له رضا قتيبة إن رجع إلى الصلح، فأبى وقال لرسول صالح:
ما تخوفني به من قتيبة، وأنا أمنع الملوك حصنا أرمي أعلاه، وأنا أشد الناس قوسا وأشد الناس رميا، فلا تبلغ نشابتي نصف حصني، فما أخاف من قتيبة! فمضى قتيبة من بلخ فعبر النهر، ثم أتى شومان وقد تحصن ملكها فوضع عليه المجانيق، ورمى حصنه فهشمه، فلما خاف أن يظهر عليه، ورأى ما نزل به جمع ما كان له من مال وجوهر فرمى به في عين في وسط القلعة لا يدرك قعرها.
قال: ثم فتح القلعة وخرج إليهم فقاتلهم فقتل، وأخذ قتيبة القلعة عنوة، فقتل المقاتلة وسبى الذرية، ثم رجع إلى باب الحديد فأجاز منه إلى كس ونسف، وكتب إليه الحجاج، أن كس بكس وانسف نسف، وإياك والتحويط ففتح كس ونسف، وامتنع عليه فرياب فحرقها فسميت المحترقة وسرح قتيبة من كس ونسف أخاه عبد الرحمن بن مسلم إلى السغد، إلى طرخون، فسار حتى نزل بمرج قريبا منهم، وذلك في وقت

الصفحة 462