كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 6)

المنبر فصعده.
قَالَ أَبُو مخنف: فَحَدَّثَنِي أَبُو جناب الكلبي أن شبث بن ربعي بعث اليه ابنه عبد المؤمن فقال: إنما نحن عشيرتك، وكف يمينك، لا والله لا نقاتلك، فثق بذلك منا، وكان رأيه قتاله، ولكنه كاده ولما أن اجتمع أهل اليمن بجبانة السبيع حضرت الصلاة، فكره كل رأس من رءوس أهل اليمن أن يتقدمه صاحبه، فقال لهم عبد الرحمن بن مخنف: هذا أول الاختلاف، قدموا الرضا فيكم، فإن في عشيرتكم سيد قراء أهل المصر، فليصل بكم رفاعة بن شداد الفتياني من بجيلة، ففعلوا، فلم يزل يصلي بهم حتى كانت الوقعة قال أبو مخنف: وحدثني وازع بن السري أن أنس بن عمرو الأزدي انطلق فدخل في أهل اليمن، وسمعهم وهم يقولون: إن سار المختار إلى إخواننا من مضر سرنا إليهم، وإن سار إلينا ساروا إلينا، فسمعها منهم رجل، وأقبل جوادا حتى صعد إلى المختار على المنبر، فأخبره بمقالتهم، فقال: أما هم فخلقاء لو سرت إلى مضر أن يسيروا إليهم، وأما أهل اليمن فأشهد لئن سرت إليهم لا تسير إليهم مضر، فكان بعد ذلك يدعو ذلك الرجل ويكرمه ثم ان المختار نزل فعبا أصحابه في السوق- والسوق إذ ذاك ليس فيها هذا البناء- فقال لإبراهيم بن الأشتر: إلى أي الفريقين أحب إليك أن تسير؟ فقال: إلى أي الفريقين أحببت، فنظر المختار- وكان ذا رأي، فكره أن يسير إلى قومه فلا يبالغ في قتالهم- فقال: سر إلى مضر بالكناسة وعليهم شبث بن ربعي ومُحَمَّد بن عمير بن عطارد، وأنا أسير إلى أهل اليمن.
قال: ولم يزل المختار يعرف بشدة النفس، وقلة البقيا على أهل اليمن وغيرهم إذا ظفر، فسار إبراهيم بن الأشتر إلى الكناسة، وسار المختار إلى جبانة السبيع، فوقف المختار عند دار عمر بن سعد بن أبي وقاص، وسرح بين أيديه أحمر بن شميط البجلي ثم الأحمسي، وسرح عبد الله بن كامل الشاكري، وقال لابن شميط: الزم هذه السكة حتى تخرج إلى اهل

الصفحة 47