كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 6)

معه أناس من أصحابه قد صبروا، وهو يقاتل القوم، فدفع اليه ثلاثمائة من أصحابه ثم مضى حتى نزل إلى جبانة السبيع.
ثم أخذ في تلك السكك حتى انتهى إلى مسجد عبد القيس، فوقف عنده، وقال لأصحابه: ما ترون؟ قالوا: أمرنا لأمرك تبع وكل من كان معه من حاشد من قومه وهم مائة، فقال لهم: والله انى لاحب ان يظهر المختار، وو الله إني لكاره أن يهلك أشراف عشيرتي اليوم، وو الله لأن أموت أحب إلي من أن يحل بهم الهلاك على يدي، ولكن قفوا قليلا فإني قد سمعت شباما يزعمون أنهم سيأتونهم من ورائهم، فلعل شباما تكون هي تفعل ذلك، ونعافى نحن منه قال له أصحابه: فرأيك فثبت كما هو عند مسجد عبد القيس وبعث المختار مالك بن عمرو النهدي في مائتي رجل- وكان من أشد الناس بأسا- وبعث عبد الله بن شريك النهدي في مائتي فارس إلى أحمر بن شميط، وثبت مكانه، فانتهوا إليه وقد علاه القوم وكثروه، فاقتتلوا عند ذلك كأشد القتال، ومضى ابن الأشتر حتى لقي شبث بن ربعي وأنا سامعه من مضر كثيرا، وفيهم حسان بن فائد العبسي، فقال لهم إبراهيم:
ويحكم! انصرفوا، فو الله ما أحب أن يصاب أحد من مضر على يدي، فلا تهلكوا أنفسكم، فأبوا، فقاتلوه فهزمهم، واحتمل حسان بن فائد إلى أهله، فمات حين أدخل إليهم، وقد كان وهو على فراشه قبل موته أفاق إفاقة فقال: أما والله ما كنت أحب أن أعيش من جراحتي هذه، وما كنت أحب أن تكون منيتي إلا بطعنة رمح، أو بضربة بالسيف، فلم يتكلم بعدها كلمة حتى مات وجاءت البشرى إلى المختار من قبل إبراهيم بهزيمة مضر، فبعث المختار البشرى من قبله إلى أحمر بن شميط وإلى ابن كامل، فالناس على أحوالهم كل أهل سكة منهم قد أغنت ما يليها.
قال: فاجتمعت شبام وقد رأسوا عليهم أبا القلوص، وقد أجمعوا

الصفحة 49