كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 6)

قال أبو مخنف: حدثني عمير بن زياد أن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني قال يوم جبانة السبيع: ويحكم! من هؤلاء الذين أتونا من ورائنا؟ قيل له: شبام، فقال: يا عجبا! يقاتلني بقومي من لا قوم له.
قال أبو مخنف: وحدثني أبو روق أن شرحبيل بن ذي بقلان من الناعطيين قتل يومئذ، وكان من بيوتات همدان، فقال يومئذ قبل أن يقتل: يا لها قتلة، ما أضل مقتولها! قتال مع غير إمام، وقتال على غير نية، وتعجيل فراق الأحبة، ولو قتلناهم إذا لم نسلم منهم، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ! أما والله ما خرجت الا مواسيا لقومي بنفسي مخافة أن يضطهدوا، وايم الله ما نجوت من ذلك ولا أنجوا، ولا أغنيت عنهم ولا أغنوا قال: ويرميه رجل من الفائشيين من همدان يقال له أحمر بن هديج بسهم فيقتله.
قال: واختصم في عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني نفر ثلاثة: سعر ابن أبي سعر الحنفي، وأبو الزبير الشبامي: ورجل آخر، فقال سعر: طعنته طعنة، وقال أبو الزبير: لكن ضربته أنا عشر ضربات أو أكثر، وقال لي ابنه: يا أبا الزبير، أتقتل عبد الرحمن بن سعيد سيد قومك! فقلت:
«لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ.
» فقال المختار: كلكم محسن وانجلت الوقعة عن سبعمائة وثمانين قتيلا من قومه.
قَالَ أَبُو مخنف: حَدَّثَنِي النضر بن صالح أن القتل إذ ذاك كان استحر في أهل اليمن، وأن مضر أصيب منهم بالكناسة بضعة عشر رجلا، ثم مضوا حتى مروا بربيعة، فرجع حجار بن أبجر، ويزيد بن الحارث بن رؤيم وشداد بن المنذر- أخو حضين- وعكرمة بن ربعي، فانصرف جميع هؤلاء إلى رحالهم، وعطف عليهم عكرمة فقاتلهم قتالا شديدا، ثم انصرف عنهم وقد خرج، فجاء حتى دخل منزله، فقيل له: قد مرت خيل في

الصفحة 56