كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 6)

فيقاتلونه، ثم يرجعون إلى القصر قال: فخرج ابن خازم يوما على تعبئة من خندقه في ستة آلاف، وخرج أهل القصر إليه، فقال لهم عثمان بن بشر بن المحتفز: انصرفوا اليوم عن ابن خازم، فلا أظن لكم به طاقة، فقال زهير بن ذؤيب العدوي: امرأته طالق إن رجع حتى ينقض صفوفهم- وإلى جنبهم نهر يدخله الماء في الشتاء، ولم يكن يومئذ فيه ماء، فاستبطنه زهير، فسار فيه، فلم يشعر به أصحاب ابن خازم حتى حمل عليهم، فحطم أولهم على آخرهم، واستداروا وكر راجعا، واتبعوه على جنبتي النهر يصيحون به:
لا ينزل إليه أحد، حتى انتهى إلى الموضع الذي انحدر فيه، فخرج فحمل عليهم، فأفرجوا له حتى رجع، قال: فقال ابن خازم لأصحابه:
إذا طاعنتم زهيرا فاجعلوا في رماحكم كلاليب فأعلقوها في أداته إن قدرتم عليه، فخرج إليهم يوما وفي رماحهم كلاليب قد هيئوها له، فطاعنوه، فأعلقوا في درعه أربعة أرماح، فالتفت إليهم ليحمل عليهم، فاضطربت أيديهم، فخلوا رماحهم، فجاء يجر أربعة أرماح حتى دخل القصر، قال: فأرسل ابن خازم غزوان بن جزء العدوي إلى زهير فقال:
قل له: أرأيتك إن آمنتك وأعطيتك مائة ألف، وجعلت لك باسار طعمة تناصحني، فقال زهير لغزوان: ويحك! كيف اناصح قوما قتلوا الاشعث ابن ذؤيب! فأسقط بها غزوان عند موسى بن عبد الله بن خازم.
قال: فلما طال عليهم الحصار أرسلوا إلى ابن خازم أن خلنا نخرج فنتفرق، فقال: لا إلا أن تنزلوا على حكمي، قالوا: فإنا ننزل على حكمك، فقال لهم زهير: ثكلتكم أمهاتكم! والله ليقتلنكم عن آخركم، فإن طبتم بالموت أنفسا فموتوا كراما، اخرجوا بنا جميعا فإما أن تموتوا جميعا وإما أن ينجو بعضكم ويهلك بعضكم، وايم الله لئن شددتم عليهم

الصفحة 78