كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 7)

ثم قطع من غد، وأتبعهم ابن الخاقان قَالَ: فأرسل حميد بْن عبد الله وهو على الساقة إلى مسلم: قف ساعة فإن خلفي مائتي رجل من الترك حتى أقاتلهم- وهو مثقل جراحة- فوقف الناس، فعطف على الترك، فأسر أهل السغد وقائدهم وقائد الترك في سبعة، وانصرف البقية، ومضى حميد ورمي بنشابة في ركبته، فمات.
وعطش الناس، وقد كان عبد الرحمن بن نعيم الغامدي حمل عشرين قربة على إبله، فلما رأى جهد الناس أخرجها، فشربوا جرعا، واستسقى يوم العطش مسلم بْن سعيد فأتوه بإناء، فأخذه جابر- أو حارثة- بْن كثير أخو سليمان بْن كثير من فيه، فقال مسلم: دعوه، فما نازعني شربتي إلا من حر دخله، فأتوا خجندة، وقد أصابتهم مجاعة وجهد، فانتشر الناس فإذا فارسان يسألان عن عبد الرحمن بْن نعيم، فأتياه بعهده على خراسان من أسد بْن عبد الله، فأقرأه عبد الرحمن مسلما، فقال: سمعا وطاعة، قَالَ:
وكان عبد الرحمن أول من اتخذ الخيام في مفازة آمل.
قَالَ: وكان أعظم الناس غنى يوم العطش إسحاق بْن محمد الغداني، فقال حاجب الفيل لثابت قطنة، وهو ثابت بْن كعب:
نقضي الأمور وبكر غير شاهدها ... بين المجاذيف والسكان مشغول
ما يعرف الناس منه غير قطنته ... وما سواها من الآباء مجهول
وكان لعبد الرحمن بْن نعيم من الولد نعيم وشديد وعبد السلام وإبراهيم والمقداد، وكان أشدهم نعيم وشديد، فلما عزل مسلم بْن سعيد، قَالَ الخزرج التغلبي: قاتلنا الترك، فأحاطوا بالمسلمين حتى أيقنوا بالهلاك، فنظرت إليهم وقد اصفرت وجوههم، فحمل حوثرة بْن يزيد بْن الحر بْن الحنيف بْن نصر بْن يزيد بْن جعونة على الترك في أربعة آلاف، فقاتلهم ساعة ثم رجع، وأقبل نصر بْن سيار في ثلاثين فارسا، فقاتلهم حتى أزالهم عن مواضعهم، وحمل الناس عليهم، فانهزم الترك.
قَالَ: وحوثرة هذا هو ابن أخي رقبة بْن الحر قَالَ: وكان عمر بْن

الصفحة 34