كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 7)

دخلنا عليه بعد العشاء الآخرة، فسلمنا عليه فلم يرد علينا، فجلسنا فقال أخي: كيف أمسى الأمير أصلحه الله! قَالَ: بخير- بصوت ضعيف- قَالَ: ثم صمت طويلا ثم تنبه، فقال: ايها يا أهل المدينة! أمير المؤمنين يطلب بغيته في شرق الأرض وغربها، وهو ينتفق بين أظهركم! أقسم بالله لئن خرج لا أترك منكم أحدا إلا ضربت عنقه فقال أخي: أصلحك الله! أنا عذيرك منه، هذا والله الباطل، قَالَ: فأنت أكثر من هاهنا عشيرة، وأنت قاضي أمير المؤمنين، فادع عشيرتك قَالَ: فوثب أخي ليخرج، فقال: اجلس، اذهب أنت يا ثابت، فوثبت، فأرسلت إلى بني زهرة ممن يسكن حش طلحة ودار سعد ودار بني أزهر: أن أحضروا سلاحكم.
قَالَ: فجاء منهم بشر، وجاء إبراهيم بْن يعقوب بْن سعد بْن أبي وقاص متنكبا قوسا- وكان من أرمى الناس- فلما رأيت كثرتهم، دخلت على رياح، فقلت: هذه بنو زهرة في السلاح يكونون معك، ائذن لهم قَالَ:
هيهات! تريد أن تدخل علي الرجال طروقا في السلاح، قل لهم: فليجلسوا في الرحبة، فإن حدث شيء فليقاتلوا، قَالَ: قلت لهم: قد أبى أن يأذن لكم، لا والله ما هاهنا شيء، فاجلسوا بنا نتحدث.
قَالَ: فمكثنا قليلا، فخرج العباس بْن عبد الله بْن الحارث في خيل يعس حتى جاء رأس الثنية، ثم انصرف الى منزله واغلقه عليه، فو الله إنا لعلى تلك الحال إذ طلع فارسان من قبل الزوراء، يركضان، حتى وقفا بين دار عبد الله بْن مطيع ورحبة القضاء في موضع السقاية قَالَ: قلنا: شر الأمر والله جد قَالَ: ثم سمعنا صوتا بعيدا، فأقمنا ليلا طويلا، فأقبل محمد بْن عبد الله من المذاد ومعه مائتان وخمسون رجلا، حتى إذا شرع على بني سلمة وبطحان، قال: اسلكوا بنى سلمه إن شاء الله، قَالَ: فسمعنا تكبيرا، ثم هدأ الصوت فأقبل حتى إذا خرج من زقاق ابن حبين استبطن السوق حتى جاء على التمارين، حتى دخل من أصحاب الأقفاص، فأتى السجن وهو يومئذ في دار ابن هشام، فدقه، وأخرج من كان فيه، ثم

الصفحة 554