كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 7)

مكة، وفر السري بلغ الخبر أبا جعفر، فقال: لهفي على ابن أبي العضل.
قَالَ: وحدثني ابن أبي مساور بْن عبد الله بْن مساور مولى بني نائلة من بني عبد الله بْن معيص، قَالَ: كنت بمكة مع السري بْن عبد الله، فقدم عليه الحسن بْن معاوية قبل مخرج محمد- والسري يومئذ بالطائف وخليفته بمكة ابن سراقة من بني عدي بْن كعب- قَالَ: فاستعدى عتبة بْن أبي خداش اللهبي على الحسن بْن معاوية في دين عليه فحبسه، فكتب له السري إلى ابن أبي خداش: أما بعد فقد أخطأت حظك، وساء نظرك لنفسك حين تحبس ابن معاوية، وإنما أصبت المال من أخيه وكتب إلى ابن سراقة يأمره بتخليته، وكتب إلى ابن معاوية يأمره بالمقام إلى أن يقدم فيقضي عنه قَالَ:
فلم يلبث أن ظهر محمد، فشخص إليه الحسن بْن معاوية عاملا على مكة، فقيل للسري: هذا ابن معاوية قد أقبل إليك، قَالَ: كلا ما يفعل وبلائي عنده بلائي، وكيف يخرج الى اهل المدينة! فو الله ما بها دار إلا وقد دخلها لي معروف، فقيل له: قد نزل فجاء قَالَ: فشخص إليه ابن جريج، فقال له: أيها الرجل، إنك والله ما أنت بواصل إلى مكة وقد اجتمع أهلها مع السري، أتراك قاهرا قريشا وغاصبها على دارها! قال: يا بن الحائك، أبأهل مكة تخوفني! والله ما أبيت إلا بها أو أموت دونها ثم وثب في أصحابه وأقبل إليه السري، فلقيه بفخ، فضرب رجل من أصحاب الحسن مسكين بْن هلال كاتب السري على رأسه فشجه، فانهزم السري وأصحابه، فدخلوا مكة، والتف أبو الرزام- رجل من بني عبد الدار ثم أحد آل شيبة- على السري، فواراه في بيته، ودخل الحسن مكة ثم إن الحسن أقام بمكة يسيرا، ثم ورد كتاب محمد عليه يأمره باللحاق به.
وذكر عمر عن عبد الله بْن إسحاق بْن القاسم، قَالَ: سمعت من لا أحصي من أصحابنا يذكر أن الحسن والقاسم لما أخذا مكة، تجهزا وجمعا جمعا كثيرا، ثم أقبلا يريدان محمدا ونصرته على عيسى بْن موسى، واستخلفا على مكة رجلا من الانصار، فلما كانا بقديد لقيهما قتل محمد، فتفرق

الصفحة 575