كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 7)

قلت: الست تعلم انك اقل بلاد الله فرسا وطعاما وسلاحا، وأضعفها رجالا؟
قال: بلى، قلت: تعلم أنك تقاتل أشد بلاد الله رجلا وأكثرها مالا وسلاحا؟
قَالَ: بلى، قلت: فالرأي أن تسير بمن معك حتى تأتي مصر، فو الله لا يردك راد، فتقاتل الرجل بمثل سلاحه وكراعه ورجاله وماله فصاح حنين بْن عبد الله: أعوذ بالله أن تخرج من المدينة! [وحدثه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رأيتني في درع حصينة فأولتها المدينة.
] قَالَ: وحدثني محمد بْن إسماعيل بْن جعفر، عن الثقة عنده، قَالَ:
أجاب محمدا لما ظهر أهل المدينة وأعراضها وقبائل من العرب، منهم جهينة ومزينه وسليم وبنو بكر وأسلم وغفار، فكان يقدم جهينة، فغضبت من ذلك قبائل قيس قَالَ محمد: فحدثني عبد الله بْن معروف أحد بني رياح بْن مالك بْن عصية بْن خفاف- وقد شهد ذاك- قَالَ: جاءت محمدا بنو سليم على رؤسائها، فقال متكلمهم جابر بْن أنس الرياحي: يا أمير المؤمنين، نحن أخوالك وجيرانك، وفينا السلاح والكراع، والله لقد جاء الإسلام والخيل في بني سليم أكثر منها بالحجاز، لقد بقي فينا منها ما إن بقي مثله عند عربي تسكن إليه البادية، فلا تخندق الخندق، فإن رسول الله خندق خندقه لما الله أعلم به، فإنك إن خندقته لم يحسن القتال رجاله، ولم توجه لنا الخيل بين الأزقة، وإن الذين يخندق دونهم هم الذين يقاتلون فيها، وإن الذين يخندق عليهم يحول الخندق دونهم فقال أحد بني شجاع: خندق رسول الله فاقتد برأيه، أو تريد أنت أن تدع رأي رسول الله ص لرأيك! قال: انه يا بن شجاع ما شيء أثقل عليك وعلى أصحابك من لقائهم، ولا شيء أحب إلي وإلى أصحابي من مناجزتهم فقال محمد: إنما اتبعنا في الخندق اثر رسول الله ص، فلا يردني عنه أحد، فلست بتاركه.
قَالَ: وحدثني محمد بْن يحيى، عن الحارث بْن إسحاق، قَالَ: لما تيقن

الصفحة 581