كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 7)

يأيها الناس، إنا قد جمعناكم للقتال، وأخذنا عليكم المناقب، وإن هذا العدو منكم قريب، وهو في عدد كثير، والنصر من الله والأمر بيده، وإنه قد بدا لي أن آذن لكم وأفرج عنكم المناقب، فمن أحب أن يقيم أقام، ومن أحب أن يظعن ظعن قَالَ أبي: فخرج عالم من الناس، كنت فيهم، فلما كنا بالعريض- وهو على ثلاثة أميال من المدينة- لقيتنا مقدمة عيسى بْن موسى دون الرحبة، فما شبهت رجالهم إلا رجلا من جراد قَالَ: فمضينا وخالفونا إلى المدينة.
قَالَ: وحدثني محمد بْن يحيى، قَالَ: حدثني الحارث بْن إسحاق، قَالَ: خرج ناس كثير من أهل المدينة بذراريهم وأهليهم إلى الأعراض والجبال، فأمر محمد أبا القلمس، فرد من قدر عليه منهم، فأعجزه كثير منهم، فتركهم.
قَالَ: وحدثني عيسى، قَالَ: حدثني الغاضري، قَالَ: قَالَ لي محمد:
أعطيك سلاحا وتقاتل معي؟ قلت: نعم، إن أعطيتني رمحا أطعنهم به، وهم بالأعوص وسيفا أضربهم به وهم بهيفا قَالَ: ثم مكث غير كثير، ثم بعث إلي فقال: ما تنتظر؟ قلت: ما أهون عليك- أبقاك الله- أن أقتل وتمروا، فيقال: والله إن كان لباديا! قَالَ: ويحك! قد بيض أهل الشام وأهل العراق وخراسان، قَالَ: قلت: اجعل الدنيا زبدة بيضاء وأنا في مثل صوفة الدواة، ما ينفعني هذا وعيسى بالأعوص! قَالَ: وحدثني عيسى، عن أبيه، عن جده، قَالَ: وجه أبو جعفر مع عيسى بْن موسى بابن الأصم ينزله المنازل، فلما قدموا نزلوا على ميل من مسجد رسول الله ص، فقال ابن الأصم: ألا إن الخيل لا عمل لها مع الرجالة، وإني أخاف إن كشفوكم كشفه ان يدخلوا عسكرهم.
فرفعهم إلى سقاية سليمان بْن عبد الملك بالجرف- وهي على أربعة أميال من

الصفحة 583