كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 8)
واقبل القواد الذين حضروا يقربون ويتباعدون، فنهض علي بْن عيسى بْن ماهان، فاستل سيفه، ثم جاء إليه، فقال: والله لتبايعن أو لأضربن عنقك! فلما رأى ذلك عيسى، بايع وبايع الناس بعده.
وذكر عيسى بْن محمد أن موسى بْن هارون حدثه أن موسى بْن المهدي والربيع مولى المنصور وجها منارة مولى المنصور بخبر وفاة المنصور وبالبيعة للمهدي، وبعثا بعد بقضيب النبي ص وبردته التي يتوارثها الخلفاء مع الحسن الشروي، وبعث أبو العباس الطوسي بخاتم الخلافة مع منارة، ثم خرجوا من مكة، وسار عبد الله بْن المسيب بْن زهير بالحربة بين يدي صالح بْن المنصور، على ما كان يسير بها بين يديه في حياة المنصور، فكسرها القاسم بْن نصر بْن مالك، وهو يومئذ على شرطة موسى بْن المهدي، واندس علي بْن عيسى بْن ماهان لما كان في نفسه من أذى عيسى بْن موسى.
وما صنع به للراوندية، فأظهر الطعن والكلام في مسيرهم وكان من رؤسائهم أبو خالد المروروذي، حتى كاد الأمر يعظم ويتفاقم، حتى لبس السلاح.
وتحرك في ذلك محمد بْن سليمان، وقام فيه وغيره من أهل بيته، الا ان محمدا كان أحسنهم قياما به حتى طفئ ذلك وسكن وكتب به إلى المهدي، فكتب بعزل علي بْن عيسى عن حرس موسى بْن المهدي، وصير مكانه أبا حنيفة حرب بْن قيس، وهدأ أمر العسكر، وتقدم العباس بْن محمد ومحمد ابن سليمان إلى المهدي، وسبق إليه العباس بْن محمد وقدم منارة على المهدي يوم الثلاثاء للنصف من ذي الحجة، فسلم عليه بالخلافة، وعزاه، وأوصل الكتب إليه، وبايعه أهل مدينة السلام.
وذكر الهيثم بْن عدي عن الربيع، أن المنصور رأى في حجته التي مات فيها وهو بالعذيب- أو غيره من منازل طريق مكة- رؤيا- وكان الربيع عديله- وفزع منها، وقال: يا ربيع، ما أحسبني إلا ميتا في وجهي هذا، وأنك تؤكد البيعة لأبي عبد الله المهدي، قَالَ الربيع: فقلت له: بل
الصفحة 113
688