كتاب تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (اسم الجزء: 8)

مقبلا بعث إلى الهيثم بْن شعبة، وكان في الميمنة- أن اخرج من بابك الذي أنت عليه، فخذ غير الطريق الذي يوصلك إلى الباب الذي عليه بكار، فإن القوم قد شغلوا بالقتال وبالإقبال إلينا، فإذا علوت فجزت مبلغ أبصارهم فأتهم من خلفهم وقد كانوا في تلك الأيام يتوقعون قدوم أبي عون وعمرو بن سلم ابن قتيبة من طخارستان وبعث خازم إلى بكار بْن مسلم: إذا رأيت رايات الهيثم بْن شعبة قد جاءتك من خلفك، فكبروا وقولوا: قد جاء أهل طخارستان.
ففعل ذلك أهل الهيثم، وخرج خازم في القلب على الحريش السجستاني، فاجتلدوا بالسيوف جلادا شديدا، وصبر بعضهم لبعض، فبينا هم على تلك الحال إذ نظروا إلى أعلام الهيثم وأصحابه، فتنادوا فيما بينهم، وجاء أهل طخارستان، فلما نظر أصحاب الحريش إلى تلك الأعلام، ونظر من كان بإزاء بكار بْن مسلم إليها، شد عليهم أصحاب خازم فكشفوهم، ولقيهم أصحاب الهيثم، فطعنوهم بالرماح، ورموهم بالنشاب، وخرج عليهم نهار بْن حصين وأصحابه من ناحية الميسرة، وبكار بْن مسلم وأصحابه من ناحيتهم، فهزموهم ووضعوا فيهم السيوف، فقتلهم المسلمون وأكثروا، فكان من قتل منهم في تلك المعركة نحوا من سبعين ألفا، وأسروا أربعة عشر ألفا، ولجأ أستاذسيس إلى جبل في عدة من أصحابه يسيرة، فقدم خازم الأربعة عشر ألف أسير، فضرب أعناقهم، وسار حتى نزل بأستاذسيس في الجبل الذي كان لجأ إليه، ووافى خازما بذلك المكان أبو عون وعمرو بْن سلم بْن قتيبة في أصحابهما، فأنزلهم خازم ناحية، وقال: كونوا مكانكم حتى نحتاج إليكم فحصر خازم أستاذسيس وأصحابه حتى نزلوا على حكم أبي عون، ولم يرضوا إلا بذلك، فرضي بذلك خازم، فأمر أبا عون بإعطائهم أن ينزلوا على حكمه، ففعل، فلما نزلوا على حكم أبي عون حكم فيهم أن يوثق أستاذسيس وبنوه وأهل بيته بالحديد، وأن يعتق الباقون وهم ثلاثون ألفا، فأنفذ ذلك خازم من حكم أبي عون، وكسا كل رجل منهم ثوبين، وكتب

الصفحة 31