كتاب توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمات:
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، وعلى محمد خاتم النبيين والمرسلين.
وبعد: فقد قام المسلمون من لدن الصحابة -رضوان الله عليهم- بالعناية الفائقة بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رواية ودراية، ووضعها للأسس التي تحفظها، من تحريف الغالين وانتحال المبطلين.
وقد كانت في القرن الثاني الهجري العلامات البارزة في طريق رعاية السنة النبوية الكريمة وتوثيقها؛ ذلك أنه قد هبت في هذا القرن أعاصير عاتية، تهدف إلى الإطاحة بالسنة، وإبعاد المسلمين عنها، وتشكيكهم في طرق نقلها ورواتها ... وقيض الله -عز وجل- أئمة كبارًا في هذا القرن، وقفوا في وجه هذه الأعاصير يردون كيدها، ويحفظون للمسلمين سنة نبيهم، صلى الله عليه وسلم، المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي.
حقيقة سعد هذا القرن بالنصيب الأوفى والقدح المعلى من أئمة المسلمين الذين قاموا بجهد كبير في توثيق السنة من أمثال مالك بن أنس، وأبي حنيفة النعمان بن ثابت، وصاحبيه، محمد بن الحسن الشيباني، وأبي يوسف، يعقوب ابن إبراهيم، والشافعي محمد بن إدريس، وسفيان الثوري، وابن عيينة، وشعبة بن الحجاج، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرهم، هؤلاء الذين وهب لهم الله البصائر النيرة، والعقول الذكية، مع الإخلاص لله عز وجل، ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- وللمؤمنين، فقاموا بوضع المصنفات في السنة، ووضع الأسس التي تميز ما نسب حقًّا وصدقًا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما وضع عليه زورًا وبهتانًا.

الصفحة 3