كتاب الطيوريات (اسم الجزء: 3)

)) (¬1) .
قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَهِمَ ابنُ عَبَّاسٍ وَإِنْ كَانَتْ خَالَتَهُ، وَإِنَّمَا تَزَوَّجَهَا حَلالًا.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ (¬2) : عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، وَاسْمُهُ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ الخَوْلاني، وَهُوَ حَدِيثٌ ضَيِّقٌ قَالَهُ الصُّورِيُّ.
1129 - حدثنا محمد، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن فهد (¬3) ،
¬_________
(¬1) حديث صحيح، وإسناد المؤلف فيه أبو عبد الله الزرقي، وأبو عبد الله الكلاعي، وأبو نصر الهمداني لم أقف عليهم، وبقية رجاله ثقات.
أخرجه خيثمة الأطرابلسي في فضائل الصحابة ((حديث خيثمة)) 1/196 عن أبي الحسين الطيوري به. مع قول سعيد بن المسيب.
كما أخرجه البيهقي في السنن الكبرى: 7/212، من طريقين عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن محمد بن عوف به، مع قول سعيد بن المسيب أيضا.

وأخرجه البخاري في جزاء الصيد: باب تزويج المحرم 4/51 رقم ((1837)) عن أبي المغيرة، الأوزاعي به.
وأخرجه أيضا في المغازي: باب عمرة القضاء 7/509 رقم ((4258)) وفي النكاح: باب نكاح المحرم 9/165 رقم ((5114)) ومسلم في النكاح: باب تحريم نكاح المحرم 2/1031 -1032 رقم ((46)) من طرق عن ابن عباس مرفوعا.
قال الطبري فيما نقله عنه ابن حجر في الفتح: 9/16، قال: الصواب من القول عندنا أن نكاح المحرم فاسد لصحة حديث عثمان، وهو: ((المحرم لا يَنْكح ولا يُنْكح)) ، أخرجه مسلم في صحيحه في الحج: باب رقم ((1409)) من طريق نافع، عن نبيه بن وهب، عن أبان بن عثمان، عن أبيه مرفوعا،
وأما قصة ميمونة، فتعارضت الأخبار فيها، ثم ساق من طريق أيوب قال: أنبئت أن الإختلاف في زواج ميمونة إنما وقع لأن النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان بعث إلى العباس لينكحها إياه فأنكحه. فقال بعضهم: أنكحها قبل أن يحرم النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقال بعضهم: بعدما أحرم، وقد ثبت أن عمر وعليًّا وغيرهما من الصحابة فرّقوا بين محرم نكح وبين امرأته، ولا يكون هذا إلا عن ثبت.
وقال ابن عبد البر في التمهيد: 3/152 قال: والرواية أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ حلال متواترة عن ميمونة بعينها، وعن أبي رافع مولى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعن سليمان بن يسار مولاها، وعن يزيد الأصم، وهو ابن أختها، وهو قول سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وأبي بكر بن عبد الرحمن وابن شهاب وجمهور علماء المدينة: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - لم يَنْكح ميمونة إلا وهو حلال قبل أن يحرم، وما أعلم أحدا من الصحابة روى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - نكح ميمونة وهو محرم إلا عبد الله بن عباس.
قلت: لكن ابن حجر ردّ هذا، وذكر في الفتح: 9/166 ((أنه قد جاء مثله عن عائشة وأبي هريرة، وأن أكثر ما أعل به حديث عائشة هو الارسال، وليس بقادح فيه، وأما حديث أبي هريرة ففي إسناده ضعف، ولكنه يعتضده بحديثي
ابن عباس وعائشة، وذكر أنه سئل أنس عن نكاح المحرم فقال: لا بأس وهل هو إلا كالبيع)) . وقال ابن حجر: لكنه قياس في مقابل النص فلا عبرة به، وكأن أنسا لم يبلغه حديث عثمان، ينظر الفتح: 4/52.
ورواية من ذكرنا معارضة لروايته، والقلب إلى رواية الجماعة أَمْيل، لأن الواحد أقرب إلى الغلط، وأكثر أحوال حديث ابن عباس أن يُجعل متعارضا مع رواية من ذكرنا، فإذا كان كذلك سقط الاحتجاج بجميعها، ووجب طلب الدليل على هذه المسألة من غيرها، فوجدنا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عنه - قد روى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - أنه نهى عن نكاح المحرم، وقال: ((لا يَنْكح المحرم ولا يُنْكح)) فوجب المصير إلى هذه الرواية التي لا معارض لها، لأنه يستحيل أن ينهى عن شيء ويفعله، مع عمل الخلفاء الراشدين لها، وهم عمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم - وهو قول ابن عمر وأكثر أهل المدينة.
قلت: وقد علمتَ أنه إذا تعارض قول رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - مع فعله يقدم قوله على فعله، ذلك لما يعتري أفعاله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ الخصوصيات، وكما أن الحذر إذا تعارض مع الإباحة قدم الحذر على الإباحة، أخذا بالاحتياط، والله أعلم.
(¬2) في الخطية رمز له (خ) .
(¬3) أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بن فهد: لعله التهامي الشاعر، قال الذهبي: له ديوان صغير، وكان ديّنا ورعا عن الهجاء، قتل سنة عشرة وأربعمائة، وفيات الأعيان: 3/378، العبر: 3/122، سير أعلام النبلاء: 17/381، النجوم الزاهرة:
4/264، شذرات الذهب: 3/204،

الصفحة 1204