كتاب الطيوريات (اسم الجزء: 1)

أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: ((أَتَيْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَبِيذٍ يَنِشُّ (¬1) ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي شُرْبه؟ فَقَالَ: اضْرِبْ بِهِ الْحَائِطَ؛ فَإِنَّ هَذَا شَرَاب مَنْ لا يُؤمن بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِر)) (¬2)
¬_________
(¬1) أي يغلي، قال ابن الأثير: "وفي حديث النبيذ: إذا نشّ فلا تشرب، أي إذا غلى، يقال: نشّت الخمر، تنشّ نشيشاً". النهاية (5/56) .
(¬2) باطل بهذا الإسناد، لكنه جاء من طريق صحيح كما سيأتي.
فيه الحسن بن علي العدَوي، وهو متروك، واتهمه ابن حبان وابن عدي كما تقدم، ومع ذلك خالف في هذا الإسناد.
وفيه انقطاع بين القاسم بن مخيمرة وأبي موسى الأشعري، قال ابن معين: "لم أسمع أنه سمع من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم". تاريخه (2/483 -الدوري-) .
وقال ابن حبان: "ليس يصح له عندي عن أبي موسى سماع". الثقات (7/332) .
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "ذم المسكر" (55/ ح11) ، والباغندي في "أماليه" (42/ح23) ، وابن عدي في "الكامل" (3/1119) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/84، 147) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (8/303) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (10/109-110) ، و (12/33) من طرق عن الأوزاعي، فاختلف عليه فيه:
فقال الوليد بن مزيد، وقتادة، ويحيى بن سعيد القطان، وروح بن عبادة، وأبو عاصم النبيل، وعاصم بن عمارة، والوضين بن عطاء -في رواية عنه-: عن الأوزاعي، عن محمد بن أبي موسى، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ أبي موسى به.
وقال الوضين -في رواية-، ومخلد بن يزيد الحرّاني: عن الأوزاعي عن القاسم به كما في هذا الإسناد.
وقال محمد بن الهاشم الأسدي: رأيت سفيان الثوري يسأل الأوزاعي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ القاسم
ابن مخيمرة أن أبا موسى الأشعري أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بنبيذ جَرٍّ ينشّ ... الحديث.
وقال الحسن بن علي بن عاصم: عن الأوزاعي، عن القاسم، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي موسى.

قلت: والمحفوظ رواية الوليد بن مَزْيَد ومن وافقه، لأنهم أكثر عدداً، والوليد بن مزيد مقدم في أصحاب الأوزاعي، ولكنه ضعيف للانقطاع بين القاسم وأبي موسى.
وله شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه أبو داود (4/107-108/ح3716) كتاب الأشربة، باب النبيذ إذا غلى، والنسائي (8/700-701/ح5626) كتاب الأشربة، باب تحريم كل شراب أسكر كثيره، وفي
(8/730/ح5720) كتاب الأشربة، باب ذكر الأخبار التي عقل بها من أباح شراب المسكر، وابن ماجه
(2/1128/ح3409) كتاب الأشربة، باب نبيذ الجر، والبخاري في "التاريخ الكبير" (3/157) ، وأبو يعلى
(6/394) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (8/303) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (8/98) كلهم من طريق زيد بن واقد، عن خالد بن عبد الله بن حسين، عنه قال: ((علمت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كان يصوم، فتحيّنت فطره بنبيذ صنعته في دُبّاء، ثم أتيته به، فإذا هو ينِشّ، فقال: "اضرب بهذا الْحَائِطَ؛ فَإِنَّ هَذَا شَرَابُ مَنْ لا يؤمن بالله واليوم الآخر")) .
قلت: وخالد بن عبد الله بن حسين مختلف في سماعه من أبي هريرة، فقال البخاري: "سمع أبا هريرة".
وقال ابن أبي حاتم: "روى عن أبي هريرة ... سمعت أبي يقول ذلك".
وقال إسحاق بن سيّار النصيبي: "أظنه لم يسمع من أبي هريرة".
قلت: والصحيح هو قول البخاري؛ لأنه صرّح بالسماع من أبي هريرة عنده، وهو ثقة، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وأثنى عليه أبو داود خيراً قال: "كان أعقل أهل زمانه".
انظر التاريخ الكبير (3/157) ، والجرح والتعديل (3/339) ، والثقات لابن حبان (4/204) ، وتهذيب الكمال (8/97-99) ، والتهذيب (3/86) .
ولم يتفرد خالد بن عبد الله بن حسين هذا عن أبي هريرة، فقد تابعه قَزَعة، أخرج حديثه الدارقطني (4/252) من طريق زيد بن واقد عنه به، وإسناده صحيح.

الصفحة 32