كتاب الطيوريات (اسم الجزء: 2)

سَعْدٍ السّاعِديّ قَالَ: ((جَاءَ جبريلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا محمدُ، عِشْ مَا عِشْتَ
ـ أَوْ مَا شِئْت ـ، فإنَّك ميِّت، وأحْبِبْ مَنْ أحببْتَ، فَإِنَّكَ مُفارِقُه، وَاعْمَلْ مَا شِئتَ فإنك مَجزيٌّ به [ل/121ب] واعلَمْ يَا محمّدُ، أَنَّ شرَفَ الْمُؤْمِنِ قيامُه بِاللَّيْلِ، وعِزَّه استِغناؤُه عَنِ النَّاس)) (¬1)
¬_________
(¬1) في إسناد المصنف محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني، وهو متهم، ولكن الحديث أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"
(4/306) ، وحمزة بن يوسف السهمي في "تاريخ جرجان" (ص1/102) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"
(3/253) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1/435) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (4/10) من طرق عن محمد بن حميد الرازي به.
قال أبو نعيم: "هذا حديث غريب من حديث محمد بن عيينة، تفرد به زافر بن سليمان، وعنه محمد بن حميد".
قلت: لم يتفرد محمد بن حميد به عن زافر، فأخرجه الحاكم (4/360) من طريق عيسى بن صبيح ـ وفيه: وقال مرة عن ابن عمر، وقال مرة: سهل بن سعد ـ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1/435) من طريق عبد الصمد
ابن موسى القطان، كلاهما عن زافر بن سليمان به.
قال الحاكم: "حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وإنما يعرف من حديث محمد بن حميد عن زافر".
وقال المنذري: "إسناده حسن". الترغيب (1/243، 333) .
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/219) : "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه زافر بن سليمان، وثّقه أحمد،
وابن معين، وأبو داود، وتكلم فيه ابن عدي وابن حبان بما لا يضر".
قلت: زافر بن سليمان صدوق كثير الأوهام، وقد تفرد بهذا الحديث، ومحمد بن عيينة مثله أو قريب منه، فالحكم على الإسناد بالصحة أو الحسن فيه نوع من التساهل، بل هو إلى الضعف أقرب؛ لأن مثلهما لا يحتمل تفرده، ولكن للحديث شاهد من حديث جابر بن عبد الله.

أخرجه أبو داود الطيالسي (ص242) ـ ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (7/348) عن الحسن بن أبي جعفر، عن أبي الزبير، عنه به، سوى قوله ((وإن شرف المؤمن ... إلخ)) .
وقد علّق يونس بن حبيب ـ راوي مسند الطيالسي ـ هذا الحديث حيث قال: "وذكر أبو داود ... "؛ لأنه
لم يسمعه منه، بل سمعه من إبراهيم بن عبد العزيز، عن أبي داود به، وصله أبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان"
(2/282) .
وإسناده ضعيف من أجل الحسن بن أبي جعفر، وعنعنة أبي الزبير.
وله شاهد آخر عن علي، أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (ح4845) .
قال الهيثمي: "فيه جماعة لم أعرفهم".
والحاصل أن هذه الأحاديث إذا ضم بعضها إلى بعض تتقوى، وترتقي إلى درجة الحسن والاحتجاج، وقد حسّنه العراقي ـ كما في كشف الخفا (2/77) ـ، وانظر الفوائد المجموعة (ص34) .

الصفحة 638