عَمْرٍو (¬1) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يموتُ يومَ الْجُمُعَةِ أَوْ ليلةَ الْجُمُعَةِ إِلا وُقِيَ فتنةَ القبر)) (¬2)
¬_________
(¬1) في المخطوط "عبد الله بن عمر"، والتصويب من مصادر التخريج.
(¬2) إسناده ضعيف، فيه:
- الانقطاع، بين ربيعة بن سيف وعبد الله بن عمرو.
- وربيعة هذا صدوق في حديثه مناكير.
أخرجه أحمد (2/169) ـ ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" (9/116) ـ، والترمذي (3/386) كتاب الجنائز، باب ما جاء فيمن مات يوم الجمعة عن محمد بن بشار، كلاهما عن أبي عامر العقدي، والترمذي في الموضع السابق، وابن عساكر في "تعزية المسلم" (ص79) من طريق ابن مهدي، كلاهما عن هشام بن سعد به.
وأخرجه عبد الرزاق (3/270) عن ابن جريج عن ربيعة به.
قال الترمذي: "هذا حديث غريب، ليس إسناده بمتصل، وربيعة بن سيف إنما يروي عن أبي عبد الرحمن الحُبُلّي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، ولا نعرف لربيعة بن سيف سماعاً من عبد الله بن عمرو".
وقال أبو المحاسن الحنفي: "منقطع الإسناد؛ فإن ربيعة لم يلقَ عبد الله، وبينهما رجلان: أحدهما مجهول". معتصر المختصر (1/115) .
وضعف إسناده أيضاً الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (3/253) .
ولكن وصله الطبراني ـ كما في فيض القدير (5/499) ـ من حديث ربيعة بن سيف، عن عياض بن عقبة، عن ابن عمرو.
وقال المزي: "رواه بشر بن عمر الزهراني، وخالد بن نزار الأيلي، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ، عَنْ ربيعة
ابن سيف، عن عياض بن عقبة الفهري، عن عبد الله عمرو". تحفة الأشراف (6/289) ، وتهذيب الكمال (9/116) .
قلت: وقد أسنده الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (12/583-584) من طريق بشر بن موسى الزهراني به، قال عقبه: "غريب".
وروي من وجه آخر عن ربيعة بن سيف، أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (ح279) من طريق ابن وهب، عن الليث بن سعد، عنه: أن عبد الرحمن بن قَحْزَم أخبره أن ابناً لعياض بن عقبة مات يوم الجمعة، فاشتدّ وجده عليه، فقال له رجل من الصدف: يا أبا يحيى، ألا أبشرك بشيء سمعته من عبد الله بن عمرو؟ ... فذكره.
ثم أخرجه الطحاوي في الموضع السابق، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" (ص103) من طرق عن الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عنه به مثله، قال الطحاوي: "وهو أشبه عندنا بالصواب".
قلت: وهذا ضعيف أيضاً فيه:
- عبد الرحمن بن قحزم، وهو مجهول، ذكره ابن ماكولا في "الإكمال" (7/101-102) .
- والرجل الصدفي لم يسمّ.
- وربيعة بن سيف، تقدم ما فيه.
وللحديث طريق آخر عن ابن عمرو أخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (ص132) عن يزيد بن هارون، وأحمد (2/172) عن سريج بن النعمان، وفي (2/220) عن إبراهيم بن أبي العباس، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" (ص103) من طريق سليمان بن آدم، وابن عساكر في "تعزية المسلم" (ص78-79) من طريق أبي الربيع الزهراني، وداود بن رشيد، والحسن بن يوسف، كلهم عن بقية ـ هو ابن الوليد ـ، عن معاوية بن سعيد التجيبي، عن أبي قَبيل المصري، عنه به.
وإسناده ضعيف أيضاً فيه:
- أبو قبيل المصري، واسمه حُيَيّ بن هانئ، قال الحافظ ابن حجر: "صدوق يهم". التقريب (185/ت1606) .
- ومعاوية بن سعيد، ذكره البخاري وابن أبي حاتم وسكتا عنه.
وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "يروي المقاطيع".
وقال الحافظ ابن حجر: "مقبول"، أي إذا توبع، وقد توبع في الجملة متابعة قاصرة.
- وأما بقية بن الوليد فقد صرح بالسماع إلى آخر الإسناد، فزال ما يخشى عليه من التدليس.
وللحديث شاهد من حديث أنس، أخرجه أبو يعلى (7/146) ، وعنه ابن عدي في "الكامل" (7/92) عن أبي معمر إسماعيل بن إبراهيم، عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ واقد بن سلامة، عن يزيد الرقاشي عنه به، وليس فيه "ليلة الجمعة".
وإسناده ضعيف، فيه يزيد الرقاشي، وقد تقدم أنه ضعيف.
وواقد بن سلامة ضعيف كذلك. انظر الكامل (7/92) .
وله شواهد أخرى لا يفرح بها:
الأول: حديث جابر بن عبد الله، أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (3/155-156) من طريق عمر بن موسى
ابن الوجيه، عن محمد بن المنكدر عنه بلفظ: (( ... أجير من عذاب القبر، وجاء يوم القيامة وعليه طابع الشهداء)) .
قال أبو نعيم: "غريب من حديث جابر ومحمد، تفرد به عمر بن موسى، وهو مدنيّ فيه لين".
قلت: بل هو منكر، أو موضوع، عمر بن موسى ممن يضع الحديث.
انظر أحوال الرجال (ص173) ، والتاريخ الكبير (6/197) ، والجرح والتعديل (2/141) ، و (6/133) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص82) ، والضعفاء للعقيلي (3/190) ، والكامل لابن عدي (5/9-12) .
والثاني: من حديث الزهري عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، أخرجه عبد الرزاق (3/270) عن ابن جريج عن رجل عنه به، وزاد: ((وكتب شهيداً)) ، وإسناده معضل ضعيف، وفيه:
- عنعنة ابن جريج.
- وشيخه فيه مبهم.
والثالث: من حديث المطلب بن حنطب، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، أخرجه عبد الرزاق في الموضع السابق عن
ابن جريج عن رجل، عنه به، وإسناده كالذي قبله.
والرابع: من قول عكرمة بن خالد المخزومي، عند اليهقي في "إثبات عذاب القبر" (ص104) .
والخامس: حديث زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، أخرجه الدارقطني في "الأفراد" ـ كما في تعزية المسلم (ص80) ـ من طريق أبي نعيم، عن خارجة بن مصعب، عنه به.
في إسناده خارجة بن مصعب السرخسي، وهو متروك، وكان يدلس عن الكذّابين، ويقال: إن ابن معين كذّبه. التقريب (186/ت1612) .
والحاصل أن هذه الشواهد لا تصلح لتقوية الحديث، اللهم إلا أن يكون حديث أنس، ولكن طريق بقية بن الوليد إذا ضم إلى طريق ربيعة بن سيف، فإنه يكسب قوة ترفع الحديث إلى الحسن، وقد حسّنه الشيخ الألباني أو صحّحه في "أحكام الجنائز" (ص49-50) ، وهو كذلك إن شاء الله.