كتاب الطيوريات (اسم الجزء: 2)

وَرْدَان (¬1)
قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: ((ارْتَقَى النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المِنْبر، فَلَمَّا ارْتَقَى دَرَجَةً قَالَ: آمِينَ، ثُمَّ ارتَقَى دَرَجَةً فَقَالَ: آمِينَ، ثُمَّ ارْتَقَى دَرَجَةً فَقَالَ: آمِينَ، ثُمَّ اسْتَوَى، فَجَلَسَ فَقِيلَ لَهُ: يَا نبيَّ اللَّهِ، مَاذَا أمَّنْتَ؟ قَالَ: إِنَّ جبريلَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَتَاني، فَقَالَ: رَغِمَ أنفُ امرِئٍ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يصلِّ عَلَيْكَ فقلتُ: آمِينَ، ورَغِمَ أنفُ امْرِئٍ أَدْرَكَ أبَوَيْه، أَوْ أحدَهما فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ، فقلتُ: آمِينَ، ورَغِمَ أنفُ امْرِئٍ أَدْرَكَ رمضانَ فَلَمْ يُغْفَر لَهُ فقلتُ: آمين)) (¬2)
¬_________
(¬1) هو سلمة بن وردان الليثي، أبو يعلى الجُنْدَعي ولاءً، المدني.
قال ابن معين: "ليس بشيء"، وقال أحمد: "منكر الحديث"، وقال مرة: "ضعيف الحديث".

وقال أبو حاتم: "ليس بقوي، تدبّرت حديثه فوجدت عامتها منكرة، لا يوافق حديثه عن أنس حديث الثقات، إلا
في حديث واحد، يكتب حديثه".
تاريخ ابن معين (2/227 ـ الدوري ـ) ، والعلل لأحمد (1/240، 320 ـ المكتبة الإسلامية ـ) ، والجرح
والتعديل (4/175) ، والتهذيب (4/160) ، والتقريب (248/ت2514) .
(¬2) إسناده ضعيف فيه:
- سلمة بن وردان، وقد تفرد به.
- والراوي عنه يحيى بن عبد الله البابلتي، ضعيف كذلك.
أخرجه البزار (ح3168 ـ كشف الأستار ـ) ، وإسماعيل القاضي في "فضل الصلاة عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم" (ح15) ، والحافظان الحسن ومحمد ابنا علي بن عفان في "الأمالي والقراءة" (ص44-45/ح39) ، وأبو بكر الشافعي
في "الغيلانيات" (1/389-390/ ح181 ـ مختصرًا على الجزء الأخير ـ) ، وابن شاهين في "فضائل شهر رمضان" (ص134-135/ح7-8) ، والعراقي في "الأربعين العشارية" (ح92) من طرق عن سلمة بن وردان به.
قال البزار: "وسلمة صالح، وله أحاديث يستوحش منه، ولا نعلم روى أحاديث بهذه الألفاظ غيره"، قال الهيثمي: "رواه البزار، وفيه سلمة بن وردان، وهو ضعيف، وقد قال فيه البزار: صالح، وبقية رجاله رجال الصحيح"، قلت: قول البزار في سلمة
ابن وردان "صالح" مخالف لما قاله الأئمة فيه كما سلف في ترجمته، والظاهر أنه عنى بصلاح ديانته، لا روايته، والله أعلم".
مجمع الزوائد (10/166) ، والقول البديع للسخاوي (ص208) .
وله طريقان آخران عن أنس:
- أولهما طريق ثابت، أخرجه ابن شاهين في المصدر السابق (ص132/ح4) من طريق مؤمل ـ هو ابن إسماعيل ـ، عن حماد بن سلمة، عنه به مختصراً.
وفيه مؤمل بن إسماعيل، وهو صدوق سيئ الحفظ، فالسند ضعيف.

- وثانيهما: طريق موسى بن عبد الله الطويل عنه، أخرجه أبو الليث السمرقندي في "تنبيه الغافلين" (2/443-444) ،
وتمام في "فوائده" (رقم990) ، من طريق أبي جعفر محمد بن سلمة، عنه به.
وفي سنده موسى الطويل، وقد تقدم غير مرة أنه متّهم بالكذب.
وقد روي أيضاً من غير طريق أنس:
- الأول: حديث ابن عباس.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/84/ح12551) ، وابن شاهين في "فضل شهر رمضان" (ص128/ح1)
من طريق إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كيسان، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عنه به.
وفي سنده إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كيسان، وهو ضعيف أيضاً. انظر الميزان (1/194) ، واللسان (1/365) ، ومجمع الزوائد (10/156) .
وأبوه عبد الله بن كيسان، ضعيف أيضاً، وقال البخاري: "منكر الحديث". وقال العقيلي: "في حديثه وهم كثير".
وقال أبو حاتم: "ضعيف الحديث". وقال ابن حجر: "صدوق يخطئ كثيراً".
انظر تهذيب الكمال (15/480-481) ، والتهذيب (5/371) ، والتقريب (319/ت3558) .
وله طريق آخر عنه، أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (11/82/ح11115) ، وفي إسناده يزيد بن أبي زياد، وقد تقدم أنه ضعيف. انظر الرواية رقم (434) .
- والشاهد الثاني: حديث عمار بن ياسر.
أخرجه البزار (ح3164 ـ كشف الأستار ـ) ، وابن شاهين في "فضل شهر رمضان" (ص130/ح2) من طريق عثمان بن أبي عبيدة، عن أبيه، عن جده، عنه به مختصراً.
وإسناده ضعيف، فإن عثمان وأباه قال في كل منهما الحافظ: "مقبول"، أي إذا توبعا، ولا متابع لهما.
قال السخاوي: "أخرجه البزار هكذا، والطبراني باختصار من رواية عثمان بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه، عن جدّه بهذا"، ثم قال: "ومحمد بن عمار ذكره ابن حبان في "الثقات"، وابنه أبو عبيدة وثّقه ابن معين، وقال أبو حاتم: "منكر الحديث". القول البديع (ص210) .
- والشاهد الثالث: حديث كعب بن عُجْرة.
أخرجه إسماعيل القاضي في "فضل الصلاة عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم" (ح19) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (19/144/ح315) ، وابن شاهين في "فضل شهر رمضان" (ص130-132/ح3) ، والحاكم (4/153-154) ، من طرق عن سعيد بن أبي مريم، عن محمد بن هلال، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن أبيه، عن جده كعب به مطوّلاً.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.
وقال الهيثمي: "رواه الطبراني، ورجاله ثقات". مجمع الزوائد (10/166) .
وقال السخاوي: "رجاله ثقات". القول البديع (ص207-208) .
قلت: فيه إسحاق بن كعب، قال الذهبي في "الميزان" (1/196) : "تابعي مستور". وقال ابن حجر في "التقريب": "مجهول الحال"، فكأنهم صحّحوه بناءً على كونه تابعيًّا، وقد روى عن أبيه، فيكون أعلم به وألصق، كما تقدم في منهج الذهبي في ذلك، والله أعلم.
- والشاهد الرابع: حديث أبي هريرة.
أخرجه أحمد (2/254) ، والترمذي (5/550/ح3545) كتاب الدعوات، باب قول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "رغم أنف رجل"من طريق ربعي بن إبراهيم ـ أخو إسماعيل بن إبراهيم بن علية ـ عن عبد الرحمن بن إسحاق، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عنه به مختصراً.
قال الترمذي: "حديث حسن، غريب من هذا الوجه".
وأخرجه إسماعيل القاضي (ح16) ، وابن حبان، والحاكم (1/549) ، من طريق بشر بن المفضل، وإسماعيل القاضي
(ح17) من طريق يزيد بن زريع، كلاهما عن عبد الرحمن بن إسحاق المدني به، وهو عند الحاكم مختصر بذكر الصلاة فقط.
وله طريق آخر عن أبي هريرة، أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ح646) ، وإسماعيل القاضي (ح18) ، والبزار
(ح3169 -كشف الأستار) ، وابن خزيمة (ح1888) من طريق كثير بن زيد الأسلمي، عن الوليد بن رباح، عنه به.
وله طريق آخر عنه أخرجه أبو يعلى (ح5922) ، وعنه ابن حبان (ح907) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة،
عن أبي سلمة، عنه، وإسناده حسن.
والحاصل أن الحديث بهذه الشواهد يتقوى ويصح، وفي الباب غير ما ذكرت عن مالك بن الحويرث، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن مسعود، وجابر بن سمرة.

الصفحة 692