كتاب الطيوريات (اسم الجزء: 2)

ربِّ الْعَالَمِينَ، أَنْ يُشَمَّت بِبَارَكَ اللَّهُ فِيكَ)) (¬1) .
673 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حدثنا جعفر
ابن مُسَافِر التِّنِّيسيّ (¬2) ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّان، حَدَّثَنَا سُلَيمان بْنُ قَرْم (¬3)
، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: ((طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيْضَة عَلَى كُلِّ مسلِم)) (¬4) .
قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ:
¬_________
(¬1) إسناده منكر كما قال الذهبي، تفرد به هارون بن الجهم، وهو مجهول غير مشهور، ولم أجد من أخرجه غير المصنف.
(¬2) هو جعفر بن مسافر بن راشد التنيسي، أبو صالح الهُذَلي.
قال أبو حاتم: "شيخ"، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "كان راوياً لعمرو بن أبي سلمة ويحيى بن حسان ... ربما أخطأ"، وقال الذهبي: "صدوق".
وقال ابن حجر: "صدوق ربما أخطأ، من الحادية عشرة، مات سنة أربع وخمسين".
الجرح والتعديل (2/491) ، والثقات لابن حبان (8/161) ، وتهذيب الكمال (5/109) ، والكاشف (1/296) ، والتهذيب (3/91) ، والتقريب (141/ت957) .
(¬3) هو سليمان بن قَرْم ـ بفتح القاف وسكون الراء ـ ابن معاذ، أبو داود البصري، النحوي، ومنهم من ينسبه إلى جده، ضعفه ابن معين، وابن المديني، والنسائي، وأبو زرعة.
وقال أحمد: "لا أدري به بأساً، ولكنه كان يُفْرِط في التشيع".

وقال ابن حبان: "كان رافضيًّا غاليًا في الرفض، ويقلب الأخبار".
وقال ابن عدي: "له أحاديث حسان أفراد، وهو خير من سليمان بن أرقم بكثير".
وقال الحافظ ابن حجر: "سيئ الحفظ يتشيع".
تاريخ ابن معين (3/411 ـ الدوري ـ) ، و (ص128 ـ الدارمي ـ) ، وسؤالات ابن أبي شيبة (ص169) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص49) ، والضعفاء للعقيلي (2/136) ، والجرح والتعديل (4/136) ، والكامل
لابن عدي (3/255-257) ، والمجروحين لابن حبان (1/332) ، والكاشف (1/463) ، والتهذيب (4/187) ، والتقريب (253/ت2600) .
(¬4) إسناده ضعيف من أجل سليمان بن قرم، وهو سيئ الحفظ، ولكن تابعه حسّان بن سِياه كما يأتي.
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (3/257) ، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (1/7) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/69) من طريق جعفر بن مسافر به.
وقد تابع سليمانَ بن قرم عليه حسّانُ بن سياه، أخرج حديثه ابن عدي في "الكامل" (2/370-371) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/254) ، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (1/7) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/69) من طرق عنه به.
وحسان بن سياه قال عنه ابن عدي: "وحسان بن سياه له أحاديث غير ما ذكرته، وعامتها لا يتابعه غيره عليه، والضعف يتبين على رواياته وحديثه".
قلت: وهنا لم يتفرد بالحديث، بل تابعه سليمان بن قرم كما تقدم، فإذا ضمت روايته إلى رواية سليمان بن قرم، فإنها تتقوى، والله أعلم.
وهناك متابعة ثانية لا يفرح بها من حديث حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ أخرجه الحاكم ـ كما في "اللسان" (1/434) ـ عن شيخه إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني النيسابوري، عن جده، عن عبيد الله العيشي، عنه به.
وإسماعيل هذا قال عنه الحاكم: "ارتبت في لقيّه بعض الشيوخ".
وذكر البزار رواية حماد هذا فقال: "هذا كذب، ليس له أصل عن ثابت، عن أنس، فأما ما يذكر عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أنه قال: ((طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مسلم)) فقد روي عن أنس من غير وجه، وكل ما يروى فيها عن أنس فغير صحيح". مسند البزار (1/172) .
وللحديث طرق كثيرة جدًّا عن أنس بن مالك، تربو على عشرين طريقاً ـ فيما وقفت عليه بعد البحث ـ أغلبها ساقط، لا يصلح للاحتجاج، أذكر منها ما أرى أنه يحتمل التقوية والاعتضاد والله الموفق.
- الطريق الأول: عاصم الأحول عنه.

أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (1/169 من طريق محمد بن مصفّى، ثنا العباس بن إسماعيل الهاشمي، ثنا الحكم
ابن عطية، عن عاصم الأحول، عن أنس ... فذكر الحديث.
قال الطبراني: "لم يروه عن عاصم إلا الحكم بن عطية، ولا عن الحكم إلا العباس بن إسماعيل البصري، تفرد به ابن المصفّى".
قلت: وهذا الإسناد فيه ضعف محتمل؛ لأن الحكم بن عطية ـ وهو العيشي ـ متكلم فيه، ولكن قال فيه أبو حاتم: "يكتب حديثه، ليس بمنكر الحديث، وكان أبو داود يذكره بجميل، حدثنا عنه أبو الوليد، قلت: يحتج به؟ قال: "لا، من ألف شيخ لا يحتج بواحد، ليس هو بالمتقن". الجرح والتعديل (1/125-126) .
وقريب من قول أبي حاتم المذكور قول الساجي: "صدوق يهم"، وقول الحافظ ابن حجر: "صدوق له أوهام". التقريب (175/ت1455) .
والعباس بن إسماعيل الهاشمي، قال عنه ابن حبان في "الثقات": "يعتبر به"، يعني في المتابعة.
وأما محمد بن مصفّى فهو صدوق له أوهام، وكان يدلس، قاله الحافظ ابن حجر في "التقريب" (507/ت6304) .
وأما تدليسه فقد أمنّاه لتصريحه بالتحديث، وعلى كل حال فالحديث بهذا الطريق يصلح في المتابعات، والله أعلم.
- الطريق الثاني: عن قتادة بن دعامة السدوسي.
أخرجه ابن شاهين ـ كما في "المقاصد الحسنة" (ص276) ـ وعنه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/68) ،
وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (15/461) ـ كما في "تخريج مشكلة الفقر" (ص51) من طريق أحمد بن عبد الله ابن أبي الحناجر، عن موسى بن داود، عن حماد بن سلمة، عنه به.
قال ابن الجوزي: "موسى بن داود مجهول"، وقال السخاوي: "رجاله ثقات".
في قولهما نظر، فإن موسى بن داود ليس بمجهول، بل هو من رجال مسلم. قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق فقيه زاهد له أوهام". التقريب (550/ت6959) .
وليس رجال إسناده ثقات، بل فيه أحمد بن عبد الله بن أبي الحناجر، فإني لم أظفر به، فلعل السخاوي التبس عليه
ابن أبي الخناجر الذي اسمه أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بن مسلم بن أبي الخناجر، الذي قال فيه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/73) : "صدوق"، والله أعلم.
وبالجملة هذا السند صالح للمتابعات أيضاً.
وهناك طريق آخر عن قتادة أخرجه أبو يعلى (5/283/ح2904) عن سريج، عن أبي حفص الأبار، عن رجل من أهل الشام، عنه به.
قلت: وهذان الطريقان اللذان يمكن أن يعول عليهما لتقوية حديث ثابت عن أنس، وأما بقية الطرق عن أنس، فإنها طرق واهية، لا تنتهض، اللهم إلا أن يكون بعض طرق حديث أنس، التي لا يخلو كل واحد منها من ضعف، إلا أن ضعفه يمكن أن ينجبر إذا ضم بعضها إلى بعض، فترتقي بالحديث إلى درجة الحسن إن شاء الله، أما الصحة فبعيدة والله أعلم.
وأما بقية الطرق الواهية فقد استَوْفاها غير واحد من أهل العلم والباحثين بالتوسع، فلا أرى هنا جدوى لذكرها، وممن استوفى ذكر طرقه الشيخ الألباني في "تخريج مشكلة الفقر"، للدكتور يوسف القرضاوي، وأبو إسحاق الحُوَيني في تحقيقه لـ"جنة المرتاب" لابن بدر الموصلي، وأبو الأشبال الزهيري في تحقيق "جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر الأندلسي.

الصفحة 750