كتاب الطيوريات (اسم الجزء: 2)

وصِلْ أخاك، وتَعَطَّفْ على ولدِك، وقال لرجاء بن حَيْوة: ما تقول يا رجاءُ؟ فقال: يا أمير المؤمنين، ارضَ للناس ما ترضَى لنفسِك، وما كَرِهْتَ أن يُؤْتَى إليك فلا تَأْتِه إليهم، واعلم أنك أوَّلُ خليفةٍ يموت، وقال لسالم بن عبد الله: ما عندك يا سالمُ؟ فقال: يا أمير المؤمنين، اجعلِ الأمر يوما واحدا، اصبر لله عن شَهَواتِ الدُّنيا، آخر فطرك فيه الموت، فكأَنْ قد كان، فقال عمر رضي الله عنه: لا حولَ وَلا قوّةَ إِلا بِاللَّهِ)) (¬1)
¬_________
(¬1) في إسناده الحسين بن علي بن الأسود العجلي، وهو متكلم فيه.
وأخرج الآجري في "أخبار عمر" (ص65) بإسناده إلى صالح بن حسان قال: أرسل عمر بن عبد العزيز إلى محمد بن كعب القرظي فقال: "بخٍ، سألت عن أمر حسن، كن لصغير المسلمين أباً، ولكبيرهم ابناً، وللمثل منهم أخاً، وعاقب الناس بقدر ذنوبهم على قدر أجسامهم، لا تضربنَّ لغضبك سوطاً واحداً فتتعدّى، فتكون عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ العادين".
وروى في (ص70-73) بإسناده إلى يونس بن جعفر الرَّقّي: أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كتب إلى سالم
ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب: "أما بعد، فإن الله تبارك اسمه وتعالى جده ابتلاني بما ابتلاني به من أمر عباده وبلاده، أن يحسن عوني وعاقبتي وعاقبة من ولاّني أمره، وقد رأيت أن أسير في الناس بسيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إن قضى الله ذلك واستطعت إليه سبيلاً، فابعث إلي بكتب عمر وقضائه في أهل القبلة وأهل العهد، فإني متّبع أثره، وسائر بسيرته إن شاء الله، وأسأل الله التوفيق لما يحب ويرضى".

وبإسناده أن سالماً أجاب: "أما بعد، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ الدنيا لما أراد أن يخلقها له، فجعل لها مدة قصيرة، كأن ما بين أولها وآخرها ساعة من نهار ثم قضى عليها على أهلها الفناء، فقال {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُوْنَ} سورة القصص [88] ... إلخ" في موعظة طويلة تتضمن معنى ما ههنا. وانظر في ذلك سيرة عمر لابن عبد الحكم (ص122) ، وحلية الأولياء لأبي نعيم (5/284) ، وسيرة عمر لابن الجوزي (ص107-108) .
وأخرج الآجري في (ص77-78) أن الحسن البصري كتب إلى عمر بنحو ما قال محمد بن كعب القرظي ههنا.

الصفحة 764