النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى فقالَ: "هُوَ مَسْجِدِيْ هَذَا")) (1)
¬_________
(1) غريب بهذا الإسناد عن أُبَيّ.
أخرجه الضياء في "المختارة" (3/339) من طريق ابن حيويه به.
قال الضياء: "والمحفوظ بهذا الإسناد أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بعث إلى أبي طبيباً فكواه، قال: إسناده معلول". اهـ.
قلت: الحديث الذي أشار إليه أخرجه عبد الله في زياداته على أبيه في المسند (5/115) ، ووقع في المطبوع من المسند من رواية عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حجاج بن يوسف عن شبابة، وفي إتحاف المهرة (1/183/ح13) عبد الله عن حجاج عن شبابة.
قال المحقق: والظاهر صواب ما ههنا؛ لأن الإمام أحمد ترك الرواية عن شبابة للإرجاء، وأما رواية ابنه عنه، فلأن شبابة قد رجع عن بدعته، خلافاً لأبيه في عدم روايته عمن رجع عن بدعته أيضاً. انظر التهذيب (4/302) ، وقد عزاه الهيثمي في المجمع (5/98) لعبد الله.
وأخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف" (2/373، و12/210) ، وأحمد (5/116) ، وعبد بن حميد (رقم166) ، والمفضل الجَنَدي في "فضائل المدينة" (رقم46) ، وأبو جعفر الطبري في تفسيره (14/480) ، وابن عدي في "الكامل" (4/1473) ، والحاكم في "المستدرك" (2/334) كلهم من طريق عبد الله بن عامر الأسلمي، عن عمران بن أبي أنس، عن سهل بن سعد عن أبي به، ولفظ ابن أبي شيبة، ورواية للإمام أحمد: ((الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى هو مسجدي)) .
قال الحاكم عقب إخراجه لهذا الحديث: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وشاهده حديث أبي سعيد أصح منه"، وأقره الذهبي.
والصواب أن الإسناد ضعيف، فيه عبد الله بن عامر الأسلمي وهو ضعيف.
قال الهيثمي: "رواه أحمد، وفيه عبد الله بن عامر الأسلمي وهو ضعيف".
ولكن أخرجه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ (2/372) ، وأحمد (5/331) وعبد بن حميد (رقم466) ، والروياني في مسنده
(2/235) ، وأبو جعفر الطبري في تفسيره (14/479) ، وابن حبان (3/66) ، والطبراني في الكبير (6/254/ح6025) من طريق ربيعة بن عثمان التيمي، عن عمران بن أبي أنس عن سهل بن سعد قال: ((اختلف رجلان على عهد النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، فقال أحدهما: هو مسجد المدينة، وقال الآخر: هو مسجد قباء، فأتيا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: هو مسجدي هذا)) . ولم يذكر فيه أبي بن كعب.
قال الهيثمي: "رواه كله أحمد، والطبراني باختصار، ورجالهما رجال الصحيح".
وأخرجه الإمام أحمد (5/335ـ باختصار ـ) من طريق عبد الله بن عامر الأسلمي عن عمران بن أبي أنس عن سهل
ابن سعد بلفظ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم إذا سُئِلَ عَنِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ على التقوى قال: ((هو مسجدي)) .
فوافق عبد الله بن عامر ـ وهو ضعيف ـ ربيعة بن عثمان التيمي في عدم ذكر أبي بن كعب.
وربيعة بن عثمان تكلم فيه بعض النقاد، وهو لا بأس به، وقال الحافظ ابن حجر: " صدوق له أوهام".
انظر: الثقات لابن شاهين (رقم 361) ، ومن تكلم فيه وهو موثق للذهبي (رقم 113) ، والتهذيب (3/259-260) ، والتقريب (207/ت1913) .
وللحديث شاهد من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "دخلت عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم في بيت بعض نسائه، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ المسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفاً من حصباء فضرب به الأرض، ثم قال: ((هو مسجدكم هذا)) لمسجد المدينة.
أخرجه مسلم ـ واللفظ له ـ (2/1015/ح1398) كتاب الحج، باب بيان أن الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى هو مسجد النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة، والإمام أحمد (3/8، 24، 89) ، والترمذي (5/280/ح3099) ، والنسائي
(2/36) ، والمفضل الجندي في "فضائل المدينة" (رقم45) ، والطبري في تفسيره (14/477، 480) ، وابن حبان
(3/67) ، والحاكم (2/334) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" (5/263-264) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (13/268) ، والبغوي في "معالم التنزيل" (3/148) كلهم من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري.
وأخرجه مسلم (2/1015/ح1398) ، وابن أبي شيبة (2/372-373) ، وأبو يعلى (2/303/ح1029) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/246) ، وفي دلائل النبوة (2/544، و5/264) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن.
وأخرجه ابن أبي شيبة (2/372) ، والإمام أحمد (3/23، 91) ، والترمذي (2/144/ح323) ، وأبو يعلى (2/272/ح985) ، والمفضل الجندي في "فضائل المدينة" (رقم42) ، والطبري في تفسيره (14/481) ، وابن أبي حاتم في تفسيره (تفسير سورة التوبة آية رقم 108، حديث 1600) ، وابن حبان (3/74/ح1624) ، والفاكهي في "حديثه عن أبي يحيى بن أبي مسرة" عن شيوخه (ق39/ب) ، والحاكم (1/487) ، (2/334) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/229) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/544-545) ، والبغوي في "شرح السنة" (2/340) من طريق أبي يحيى سمعان الأسلمي.
ثلاثثتهم عن أبي سعيد الخدري به.
وفي رواية من طريق عمران بن أبي أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي سعيد عن أبيه عند أحمد والترمذي وغيرهما بلفظ: ((تمارى رجلان في الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى من أول يوم، فقال رجل: هو مسجد قباء، وقال الآخر: هو مسجد الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "هو مسجدي هذا")) .
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث عمران بن أبي أنس، وقد روي هذا عن أبي سعيد من غير هذا الوجه، ورواه أنيس بن أبي يحيى عن أبيه عن أبي سعيد رضي الله عنه".
ورواية أبي يحيى عن أبي سعيد بلفظ: ((أن رجلاً من بني عمرو بن عوف ورجلاً من بني خُدْرة امتريا في الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، فقال العوفي: هو مسجد قباء، وقال الخدري: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فسألاه عن ذلك، فقال: "هو مسجدي هذا، وفي ذلك خير كثير".
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
وله شاهد آخر من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، فَقَالَ: "هُوَ مَسْجِدِي")) .
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (5/145/ح4854) من طريق عبد الله بن عامر الأسلمي عن أبي الزناد عن خارجة بن زيد عن زيد بن ثابت به.
وعبد الله بن عامر ضعيف ـ كما تقدم ـ، وقد خالفه سفيان بن عيينة وعبد الرحمن بن أبي الزناد، فروياه عن
أبي الزناد، عن خارجة بن زيد عن أبيه موقوفاً.
أخرجه المفضل الجندي في "فضائل المدينة" (1/34) ، والطبري في تفسيره (14/477-478) ، والنسائي في "الكبرى" (6/359) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (13/269) من طريق سفيان بن عيينة عن أبي الزناد به.
وأخرجه الطبراني أيضاً في "المعجم الكبير" (5/137) من طريق هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن زيد بن ثابت موقوفاً.
قال الهيثمي: "رواه الطبراني مرفوعاً وموقوفاً، وفي إسناد المرفوع عبد الله بن عامر الأسلمي، وهو ضعيف، وأحد إسنادي الموقوف رجاله رجال الصحيح".
وأخرجه المفضل الجندي في "فضائل المدينة " (رقم44) من طريق عبد الله بن عامر عن أبي الزناد عن خارجة بن زيد عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مرسلاً.
وعبد الله ضعيف، ولكن تابعه سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن خارجة مرسلاً، كما أخرجه بن أبي شيبة (2/372) .
والصحيح عن زيد بن ثابت الموقوف عليه.