كتاب تذكير الأنام بسنن وآداب الصيام

رابعًا: أن المسك من أجمل العطور وأحلاها وأطيبها وأغلاها ولذلك ضرب به المثل في هذا الحديث (¬1).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ» (¬2).
قال القاري في «مرقاة المفاتيح»:
قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ» أي: غالبًا، والخلة الحقيقية لا تتصور إلا في الموافقة الدينية، أو الخلة الظاهرة قد تفضي إلى حصول ما غلب على خليله من الخصلة الدينية، ويؤيده قوله: «فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ» قال تعالى: {(((((((((((الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ (((((((((((((} [التوبة: 119].
وقال الغزالي: مجالسة الحريص ومخالطته تحرك الحرص، ومجالسة الزاهد ومخاللته تزهد في الدنيا؛ لأن الطباع مجبولة على التشبه والاقتداء، بل الطبع يسرق من الطبع من حيث لا يدرى (¬3).
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَاكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ» (¬4).
قال القاري في «مرقاة المفاتيح»:
قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تصاحب» أي: لا تقصد في المصاحبة، «إلا مؤمنًا» أي: كاملاً بل مكملاً، أو المراد منه النهي عن مصاحبة الكفار والمنافقين؛ لأن مصاحبتهم مضرة في الدين، فالمراد
¬_________
(¬1) انظر: منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري لحمزة قاسم (5/ 175، 176).
(¬2) أخرجه أحمد في «المسند» (8417)، وقال الأرنؤوط: إسناده جيد، والبيهقي في «شعب الإيمان» (8990)، والحاكم في «المستدرك» (7319).
(¬3) انظر: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للقاري (8/ 3142).
(¬4) أخرجه أبو داود في «سننه» (4832)، والترمذي في «سننه» (2395)، وقال الشيخ الألباني: حسن.

الصفحة 108