كتاب العثمانية

صفحته، ففي هاتين الخصلتين دليل على أن له في ذلك ما ليس لأبي بكر، والمحنة عليه أشد.
قيل له: إن كان الشأن في شدة الخطار والتغرير والتعرض على ما قلتم، فنصيب أبي بكر في ذلك أوفر، والأمر عليه أخوف، وهو إليه أسرع، لأن أبا بكر كان هو الأمير والوالي والمتبوع، وعلي هو المؤتم والرعية والسامع والمطيع. وبين التابع والمتبوع والآمر والمأمور فرق.
وأما قولكم: إن النبي - صلى الله عليه - قال حين بعث بصدر سورة براءة مع علي بن أبي طالب: "إنه لا يبلغ عني إلا رجل مني" فإنما قال هذا وليس بحضرته أبو بكر ليكون علي قد قدم عليه، لأن النبي - صلى الله عليه - قد كان وجه أبا بكر قبل ذلك، ثم بعث عليا بعده فلحقه في الطريق.
وقد زعم ناس من العثمانية أن النبي - صلى الله عليه - لم يقل ذلك لعلي تفضيلا منه له على غيره في الدين، ولكن النبي - صلى الله عليه - عامل العرب على مثل ما كان بعضهم يتعرفه من بعض، وكعادتهم في عقد الحلف وحل العقد، فكان السيد منهم إذا عقد لقوم حلفا أو عاهد عهدا لم يحل ذلك العقد غيره، أو رجل من رهطه دنيا كأخ أو ابن أو عم أو ابن عم. فلذلك قال النبي - صلى الله عليه - ذلك القول.
ثم الذي كان من تفضيله عليه وعلى الناس جميعا أيام شكاته، حيث أمره أن يؤم الناس ويقوم مقامه في صلاته وعلى منبره، حتى أن عائشة وحفصة أرادتا صرف ذلك عنه لعلل سنذكرها في

الصفحة 130