كتاب العثمانية

موضعها إن شاء الله، فقال النبي - صلى الله عليه -: "إليكن عني صواحب يوسف، أبى الله ورسوله إلا أن يصلي أبو بكر".
ولم يستطع أحد من الناس أن يقول إنه صلى بالناس في تلك الأيام غيره، ولا استطاع أحد أن يقول إن المأمور بالصلاة كان غيره، حتى قالوا بأجمعهم: اختاره رسول الله لديننا فاخترناه لدنيانا. وحتى قالوا: ولاه رسول الله صلاتنا، وزكاتنا تبع لصلاتنا، وهما معظما أمر الدين.
ولا يستطيع أحد أن يقول: إنه لما تقدم أبو بكر بالناس ليصلي بهم والنبي - صلى الله عليه - مسجى قال له رجل واحد: وما لك تصلي بنا على غير عهد ولا سبب. ولا قال رجل من خلفه مثل ذلك، ولا قال رجل من الأنصار: منا مصل ومنكم مصل، كما قالوا: منا أمير ومنكم أمير.
فإن كان الناس مع كثرة الخير والشر فيهم تركوا مجاراته ومدافعته في قيامه في مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتبريزه كان عليهم عند أنفسهم، فكفى بذلك دليلا على الفضل وحجة على الاستحقاق.
وإن كان رضاهم بذلك وتسليمهم للذي ثبت عندهم من أمر رسول الله - صلى الله عليه - وتقديمه إياه، فليس لأحد في ذلك متكلم، ولا لشاغب فيه متعلق، ولا لواقف فيه عذر، والقوم جميع، ومصلاهم واحد، وتقدمه ظاهر.

الصفحة 131