كتاب العثمانية

بالفضيلة والاستحقاق، أقل من الغلط فيما بين أقدار الناس، من الموازنة بين أفعالهم وعقولهم، وعلومهم وتجاربهم، وصلاح الناس عليهم، مع كثرة عدد الأفعال المتساوية والمتقاربة، ومع كثرة عدد المتساوين والمتقاربين من الرجال.
فمما يدل على تفضيل النبي - صلى الله عليه - له قوله يوم غدير خم، وهو قابض على يده وقد أشخصه قائما لمن بحضرته: "من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم عاد من عاداه ووال من والاه". وقوله: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي من بعدي". وقوله: "اللهم آتني بأحب الناس إليك يأكل معي من هذا الطير" ثلاثا، كل ذلك يحجبه أنس، طمعا أن يكون أنصاريا، فأبى الله إلا أن يجعله الآكل والآتي والأحب. ومن ذلك أن النبي - صلى الله عليه - حين آخى بين أصحابه فقرن بين الأشكال، وقرد بين الأمثال، جعله أخا من بين جميع أمته وعلية أصحابه.
قيل لهم: إن الأخبار لا بد فيها من التصادق كما لا بد في درك العقول من التعارف، فإن في عدم التعارف في حجج العقول والتصادق في حجج السمع عدم الإنصاف وبطلان الكلام.
وليس لكم أن ترفعوا خبرا له ضرب من الإسناد وتوجبون تصديق مثله. لأن كل واحد من الخصمين لا يعجزه دفع المستفيض بلسانه،

الصفحة 134