كتاب العثمانية

فهذا أيضا باب يعرف به أن الرجل ليس يستحق التقديم بالرواية والحديث، إذ كان هؤلاء دون أبي بكر وعلي في الفضل، وقد جاء فيهم ما لم يجئ فيهما.
ولقد رووا في رجل لم يهاجر، ولم يصحب، ولم يشهد المشاهد، ولم ينفق، ولم يتعرض، ولم يدع إلى الله ورسوله، إلا أنهم زعموا أنه كان يطلب الحنيفية قبل مبعث النبي - صلى الله عليه -، وهو زيد بن عمرو بن نفيل، فزعموا أن النبي قال: "يبعث يوم القيامة أمة وحده".
وأي شئ أدل على كل فضيلة من قول النبي - صلى الله عليه - لعمار: "لا تؤذوا عمارا فإنما عمار جلدة ما بين عيني".
ما أعطت الرافضة الطاعة أبدا، ولا رضوا من الناس بالأنصاف!
وقد علمنا أن حمزة وجعفرا وعليا كانوا أفضل من سعد بن معاذ، ولم يهتز لموتهم عرش الرحمن، وقتلوا شهداء، ولم تحم لحومهم الدبر، ولا غسلتها الملائكة.
فالله أعلم بمعاني هذه الأحاديث. ولعل النبي - صلى الله عليه - قال في كل رجل قولا عدلا. وكان ذلك قولا معروفا مفهوما عند الحاضر، ولكنه أدى اللفظ وترك المعنى.
فإذا كانت الأحاديث في أسلافنا وأئمتنا على ما حكيت لك لا تمنع من معرفة وتدافع ما وصل إلينا منه، كان واجبا أن يكون المفزع في أمرهم إلى الخبر الذي يجئ مجئ الحجة، وترك ما سوى ذلك مما لا يبرئ من

الصفحة 142