كتاب العثمانية

سقم ولا يبرد من حيرة. وإنما الخبر الصحيح الذي لا يعتمد بضعف الإسناد، ولا يترك لضعف الأصل، ولا يوقف فيه لكثرة المعارض والمناوئ، كنحو ما روينا من مآثرهم في مقاماتهم ومشاهدهم، وكصنيع على ومؤازرته ببدر، وككون أبي بكر في العريش. وهذا ما لا يتدافع ولا يتناقض، لأن قتل على الأقران ببدر ليس بناقض لكون أبي بكر في العريش، ولأن موقف على بأحد لا يدفع كون أبي بكر في الغار، ولأن صنيع على بخيبر لا يدفع إنفاق أبي بكر الأموال، وعتقه الرقاب.
فهذا وما أشبهه مما لا تجد له رادا ودافعا، وليس هذا من شكل ما قالوا: أن النبي - صلى الله عليه - قال: "اقتدوا بالذين من بعدي بأبي بكر وعمر" ونقلهم أن النبي - صلى الله عليه - قال لعلي: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى". وكما نقلوا أن النبي - صلى الله عليه - آخى بين نفسه وبين علي، وأن النبي قال: "لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا" في أشباه لهذا قد حكيت لك في صدر الكتاب، لتعرف مجرى الكلام في السلف.
فإن قالوا: فلعل النبي قال: "اقتدوا بالذين من بعدي" وقد كان معلوما في [ذلك] الوقت أن عليا كان مستثنى في هذا القول.
قيل لهم: ولعله قال: "من كنت مولاه فعلي مولاه" [و] قد كان معلوما في ذلك الوقت أن أبا بكر كان مستثنى.

الصفحة 143