كتاب العثمانية

إلا أنه لا نبي بعدي" لأن يوشع كان خليفة موسى في بني إسرائيل بعده، وكان نبيا قبل موت موسى وبعده.
فإن قالوا: إن النبي - صلى الله عليه - لم يقصد إلى الخلافة ولم يرد الإمامة، ولكنه عنى الوزارة.
قلنا: إن وزارة هارون من موسى لا بد فيها من أحد أمرين:
إما أن يكون موسى هو جعل له ذلك وهو وزيره على جهة ما يتخذ الإمام وزيرا والملك وزيرا على معنى الاختيار والاستكفاء والثقة.
أو يكون وزيره على جهة المؤازرة والمكاتفة والتعاون، على أن كل واحد منهما وزبر صاحبه ومعاونه ومكاتفه، إذا غاب عن قومه كان الآخر خليفته، لا على أن موسى الجاعل ذلك له.
ولا منزلة لهارون من موسى إلا هاتين المنزلتين في جهة الخلافة والوزارة، لأن نبوة هارون لا تكون من قبل موسى، والنبوة لا تكون إلا من قبل الله.
وليس يخلو قول موسى لهارون: {اخلفني في قومي} عن ضربين: إما أن يكون هو جعله خليفته على جهة الاختيار والاستكفاء والثقة به، وإما أن يكون خليفة على أن يكون كل واحد منهما إذا غاب عن قومه كان الآخر خليفته.
فإن كانت وزارة هارون وخلافته لموسى إنما كانت منزلتين أنزله فيهما موسى، وليست لهارون من موسى منزلة غيرهما، فقال النبي - صلى الله عليه -: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى" فكأنما قال: لك خلافتي

الصفحة 156