كتاب العثمانية

قيل لهم: إن في أمر النبي - صلى الله عليه - له أن يقوم مقامه في الصلاة بالمسلمين، وعائشة وحفصة قد اعتونتا ليصرفا ذلك إلى عمر، ويقولان: إن أبا بكر رجل رقيق لا يستطيع أن يقوم مقامك.
وهو قد ودع المسلمين في حطبته التي خطبها في شكاته حين قال: "إن عبدا من عباد الله خيره الله بين الدنيا والآخرة فاحتار الآخرة". فبكى أبو بكر، فعجب الناس منه وقالوا: قال رسول الله - صلى الله عليه -: "إن عبدا من عباد الله" قالوا: وكان أبو بكر أعلمنا برسول الله - صلى الله عليه -. هكذا الخبر. ثم جاء جبريل في شكاته فقال: يا محمد، هذا ملك الموت يستأذن عليك ولم يستأذن على آدمي قبلك. قال: ائذن له. فأذن له جبريل حتى وقف بين يدي النبي - صلى الله عليه - ثم قال: يا محمد، إن الله أرسلني إليك وأمرني أن أطيعك فيما أمرتني به، فإن أمرتني قبض نفسك قبضتها، وإن كرهت ذلك تركتها. قالوا: فسمع النبي - صلى الله عليه - يقول: "الرفيق الاعلى" فعلم أنه قد خير - صلى الله عليه -.
ثم كان عند كل صلاة لا يجد عندها إفاقة يقول: "مروا أبا بكر يصلي بالناس" ويقول: "أبى الله إلا أبا بكر" وفي قوله:" أبى الله أن يصلي إلا أبو بكر" دليل أن ذلك من قبل الوحي، مع قوله لعائشة وحفصة حين أرادتا صرف ذلك إلى عمر: "أنتن صواحبات يوسف، أبى الله ورسوله أن يصلي إلا أبو بكر" بالغلظ. فلو كان الخطب في ذلك صغيرا ما أغلظ النبي - صلى الله عليه - لهما ولا اشتد عليهما.

الصفحة 164