كتاب العثمانية

فإن قالوا: وما دعا عائشة إلى صرف هذا الأمر العظيم والمقام الشريف إلى عمر؟
قيل: فإنه ليس عندنا في ذلك إلا ما اعتذرت هي به لنفسها، فإنها قالت: إني والله ما أردت صرف ذلك على أني لم أعرف شرفه وخطره، ولكني خفت أن يتشاءم المسلمون به، وألا يحبوا رجلا قام مقامه أبدا.
فأما حديث الربيع بين صبيح عن الحسن فإنه زعم أنها قالت: خفت ألا يطبق حمل الخلافة، وظننت أن الناس سيريدون منه مثل ما تعودوا من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلمت أن أحدا لا يكون كالنبي.
فإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - جعله في جيش أسامة فقد استثناه حين اشتكى من جميع الجيش، إذا استخلفه في مقامه وأمره بالصلاة لأمته، لأن من صلى في مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي مسجده ومصلاه، في أعياده وسائر أيامه، فقد صلى بجميع الأمة، وتأمر على جميع البرية.
وإنما أدخلنا فيها صلاة الجمعة والعيدين لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال: "أبى الله ورسوله إلا أن يصلي أبو بكر" لم يستثن صلاة دون صلاة. فإذا كان الكلام عاما والنبي - صلى الله عليه وسلم - على يقين من فراق الدنيا، والوحي ينزل عليه، فقد دخل في ذلك صلاة العيد والجمعة، لأن النبي يتكلم كلاما عاما.

الصفحة 165