كتاب العثمانية

استخلف عليا ونصبه إماما وجعله وصيا لم يقل: صنعتم ولم تصنعوا، إلا أن قوله: "صنعتم" تثبيت لإمامته، فكأنه قال: هو إمام، لو كان غيره كان خيرا لكم منه. وليس على هذا بني القول.
ولو احتج بهذا القول الزيدية كان أشبه من أن يحتج به الطاعن في إمامة أبي بكر حين قال: ارتد الناس كلهم عن الإسلام بإنكارهم إمامة علي والتسليم لمن أنكر، ما خلا أربعة نفر: سلمان والمقداد وأبو ذر وبلال. ثم زعموا أن حذيفة وعمارا تابا بعد عمر.
ولئن كان بلال كما قالوا من الطعن والخلاف على أبي بكر وعمر، لقد شاركهما حيث ولي لهما دمشق، لأن عمر كان ولى بلالا دمشق، فكان أنفذ لامره من أبي عبيدة.
وكيف يكون بلال طاعنا على أبي بكر وعمر حتى قد شهر بذلك من بين الخلق وعمر يوليه، ويقربه ويدنيه، ويقدم إذنه، ويلحق عطاءه بعطاء عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد، ويقول: "بلال سيدنا ومولى سيدنا" ومرة يقول: "أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا".
ولا يجوز هذا القول من عمر من يجوز طعن بلال على أبي بكر، إلا جاهل بعمر، جاهل بأمر السلطان، وعز الخلافة.
فأما ذكرهم المقداد، فما علمنا ولا علم أصحاب الآثار أنه نطق في خلافة أبي بكر وفي نقضها، وفي خلافة علي وتوكيدها، بحرف قط، ولا وقف في ذلك موقفا، ولا قام في إنكاره [أ] وتثبيته مقاما، وما ندري بأي سبب ادعوه، إلا أن يكونوا ذهبوا إلى أن عليا رحمة

الصفحة 180