كتاب العثمانية

الله عليه ربما كانت له الحاجة إلى النبي عليه السلام، فيكبر النبي - صلى الله عليه - ويعظمه عن مواجهته بها، فيكلف ذلك المقداد.
من ذلك حديث هشام بن عروة عن أبيه في الرجل إذا دنا من المرأة فأمذى ولم يمسها، فاستحيا علي أن يسأل النبي - صلى الله عليه - عن هذا من أجل ابنته، فقدم المقداد فسأله، فقال النبي عليه السلام: "يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ". وغير ذلك.
والأغلب علينا أن المقداد لم يزل متنكرا لعلي، لأن المقداد حين خطب ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب إلى النبي - صلى الله عليه -، بعث النبي إليها عليا بذلك يخبرها، وأنه قد رضيه لها، فكره علي ذلك، فرجع إلى النبي - صلى الله عليه - وقال: رأيتها كارهة، فأرسل النبي إليها رسولا فقالت: أولم أخبر عليا أنني قد رضيت لنفسي بما رضي به النبي؟ فقام النبي - صلى الله عليه - خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "يا علي قم فانظر من عن يمينك وعن شمالك. واعلم أنه ليس لك فضل على أسودهم وأحمرهم إلا بالدين". فهذا قد روي. والله أعلم.
ولم يرو عن المقداد الطعن على أبي بكر في خلافته ليؤكد بذلك لعلي شيئا.
وأقل ما ينبغي للمتكلم أن يعرف فروق الأمور، فإنه إذا عرف ذلك لم يتعلق من الأسباب إلا بأمتنها. فأما تجريد الباطل وكثرة الدعوى بلا سبب، فهذا جهد العاجز.

الصفحة 181