كتاب العثمانية

أمثل من التدبير والحكم، لم يكن شأنهم الأخذ بالكتاب والسنة. وسبيل الإمامة غير سبيل الملك.
فإن كان سلمان إلى هذا المعنى ذهب، وإياه عنى، فإنما قوله حجة للعباسية لا للعلوية.
وسنخبر عن مقالة العباسية ووجوه احتجاجهم بعد فراغنا من مقالة العثمانية، بغاية ما يمكن من الاستقصاء، وإنصاف البعض من بعض، لتكون أنت المختار لنفسك بعقلك، والأقاويل ظاهرة مجلية لذهنك. فلئن أعجزك الاختيار الأرجح بعد الكفاية إنك عن استنباطه وتخليصه أعجز.
وقد ذكر هشيم، عن العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي قال: قال سلمان حين بويع: "أصبتم حين بايعتم وحيد الناس، وأخطأتم حين عزلتموها عن أهل بيت نبيكم، ولو وضعتموها فيهم لأكلتم رغدا".
وهذا حكم من سلمان أن أبا بكر خير من علي ومن جميع الناس، والناس على خير الناس أصلح منهم على من دونهم.
وأخرى: أن سلمان حين قال: "كرداذ" كما زعمتم، لو لم يكن عندكم عظيم القدر نبيل الرأي، قدوة عند الاختلاف، لم تسمعوا قوله بهذا المكان، حتى صار مثل طعنه وخلافه، ينقض إمامة الأئمة، وتتخذونه على خصمائكم حجة.
وإن كان سلمان على ما قد وصفتم، وبالمكان الذي وصفتم من الحكمة والبيان، فما دعاه إلى أن يكلم العرب والاعراب بالفارسية، وهو عربي اللسان فصيح الكلام، وهو يعلم أنه لم يكن بحضرة المدينة فرس ولا من يتكلم بالفارسية ولا من يفهمها. وهو إنما أراد الاحتجاج عليهم والاعذار إليهم، وأن يقضي حق إمامة علي ويقوم بشأنه.

الصفحة 187