كتاب العثمانية

وأما ما ذكرتم من ترك خالد بيعة أبي بكر ثلاثة أشهر، فإن الذين نقلوا هذا هم الذين نقلوا أن خالدا يوم توفي النبي - صلى الله عليه - كان على صدقات اليمن، فقدم بعد أن بايع الناس أبا بكر، فلما دخل المدينة استقبله عثمان وعلي، فقال لهما: أرضيتم معشر بني عبد مناف أن يلي هذا الأمر عليكم غيركم؟ فلم يذكر لنا أنهما ردا عليه قولا، ولا أظهرا قبوله. ثم جلس عن بيعته لا يسأله ذاك أبو بكر ولا يدعو إليه، فبينما هو كذلك إذ مر أبو بكر بدار خالد مظهرا لبعض الأمر، وخالد في داره. فسلم عليه أبو بكر فقال له خالد: أتحب أن أبايعك؟ قال: أحب أن تدخل في صالح ما دخل فيه المسلمون. قال له خالد: موعدك العشية، فأتاه وهو على المنبر فبايعه.
ففي هذا وجوه من الكلام:
منه أن خالدا لم يطعن في إمامة أبي بكر من جهة الجزء والكفاية والكمال والفضل، ولا من طريق ما تفسد به الإمامة وتنتقض به الخلافة؛ وإنما ذكر الحسب وطرائق الجاهلية. وهذا الأمر إن كان مقصورا في قوم دون قوم، فليس هو في بني عبد مناف عامة. وإن كان ليس [مقصورا] في قوم، وليس لقول خالد معنى، فإن كان مقصورا في عبد مناف للشرف أو للقرابة، فالعباس أولى بذلك من علي وجميع عبد مناف.

الصفحة 190