كتاب العثمانية

جميلا، وكان قصدا مقبولا، ولكنكم أخرجتموه من حد الشجاعة، وظننتم أن السرف أمثل وأجل.
وزعمتم أن الذي منع العرب وقريشا أن تجعله الخليفة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان قتل أبناءها وإخوتها وأعمامها، وما يعلم موضع رجل واحد يوم توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - تسمع له الخاصة والعامة وترى له طاعة، قتل علي أباه أو ابنه أو أخاه، غير أبي سفيان بن حرب، فقد كان علي قتل ابنه حنظلة، وما كان أحد من علية قريش والعرب أقرب إلى أن يخالفه في الحق والباطل في ذلك الدهر من أبي سفيان، وقد كان أكره الناس لأبي بكر حين قال لبني هاشم وبني أمية: "رضيتم معشر بني عبد مناف أن يلي أموركم رجل من بني تيم" فإذا كان الذي قتل علي ابنه هو الذي أظهر كراهية أبي بكر من بين الناس، فكيف حولتم القضية وقلبتم المعنى؟
فإن ذكروا أبا حذيفة بن عتبة لأن عليا قتل أخاه. قيل: أيكون أبو حذيفة ممن أبى عليا بهذه العلة، وأبو حذيفة شهد بدرا فقاتل أباه وأخاه وعمه، واحتملت نفسه وعزمه وصحة إسلامه هذا الصنيع، ثم يجزع من أقل منه بعد الزيادة في الاستبصار، وبعد طول الدهر وموت الأحقاد؟ وهذا ما لا يشبه ولا يجوز. وكيف يجوز ذلك عليه وهو من المهاجرين الأولين، والسابقين الأولين، وشهد بدرا والمشاهد كلها، وقبض النبي - صلى الله عليه - وهو عنه راض، واستشهد يوم اليمامة ولواء المهاجرين في يده.

الصفحة 60