كتاب العثمانية

ونقلوا إلينا أن الأنصار قالت: يا خليفة رسول الله، أليس قد قال النبي - صلى الله عليه -: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها حجبوا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله" قال أبو بكر: فهذا من حقها، والله لو كنت وحدي لجاهدتهم حتى أقتل أو يظهر الله الحق ويزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا.
ثم مضى نحو أهل الردة يريدهم مغضبا حتى لحقه المهاجرون والأنصار، فمنعوه وكفوه وتقدموا أمامه.
وهذا خبر نقله أصحاب الأخبار مرجئهم وشيعيهم إلا الروافض، فإنهم لا يطاقون، لأن من يجحد المستفيض الشائع بالأسانيد المختلفة في الدهر المتفاوت، ويوجب على خصمه له تصديق الشاذ الذي لا يعرف ولا يدعيه إلا أهل الغلو من الروافض، ممتنع الجانب، عسير المطلب، لا يطاق ولا يجارى.
ثم رأينا عليا يروي عنه، ويزكيه ويفضله، ولم نسمعه روى عن علي شيئا ولا زكاه ولا فضله، على أن عليا قد كان عنده فاضلا عاليا، عالما وجيها.
ثم الذي كان من قول عثمان بن عفان له. وذلك أن عثمان حزن على النبي - صلى الله عليه - حزنا لم يحزنه أحد، فأقبل أبو بكر يعزيه للذي يرى به من عظيم ما فدحه وغمره، فقال عثمان: ما آسى على شئ، إنما آسى على أنني لم أسأل النبي - صلى الله عليه - عما فيه نجاة

الصفحة 82