كتاب العثمانية

لموجود: أن يزكي بعض بعضا ويفضل. فنرى عليا يحمل عنه ويروي عنه ويزكيه ويفضله، ولم نره صنع بعلي من ذلك شيئا.
ولقد بلغ من تبطنه لأمر النبي - صلى الله عليه - أن النبي - صلى الله عليه - لما حاصر أهل الطائف قال عمر لأبي محجن: إنما أنت ثعلب في جحر يوشك أن يخرج! قال أبو محجن: هل هو إلا أن قطعتم حبلات عنب، وفي الماء والتراب ما يعيده. قال عمر: لا تقدر أن تخرج إلى ماء وتراب، ولا تبرح باب جحرك حتى تموت جوعا. قال أبو بكر: يا عمر لا تقل هذا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يؤذن له في فتح الطائف. فسأل عمر النبي - صلى الله عليه - فقال: نعم لم يؤذن لي.
قالوا: ولم يكن علم ذلك من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير أبي بكر، ولو علمه أحد غيره لكان عمر.
قالوا: في خطبة النبي - صلى الله عليه - في شكاته التي توفي فيها والمسلمون شهود، وفي معرفته بالذي أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بكلامه دون جميع الناس، دليل على أنه المخصوص بحسن المعرفة، وفضيلة الدراية.
وذلك أن أول ما تكلم به النبي - صلى الله عليه - على المنبر أن قال: "والذي نفسي بيده، إن لقائم على الحوض الساعة". ثم تشهد فلما قضى تشهده كان أول ما تكلم به أن استغفر للشهداء الذين قتلوا بأحد، ثم قال: "إن عبدا من عباد الله خير بين الدنيا والآخرة فاختار ما عند الله". فبكى أبو بكر. قالوا: فتعجبنا من بكائه. وقال: بأبي أنت وأمي وبآبائنا

الصفحة 85