كتاب العثمانية

في وصية. وهذا ما لا يختلف فيه رجلان من أصحاب الآثار، وحمال الأخبار.
وقد كان أخذ لقوحا وحبشية لرضاع بعض ولده فرد ذلك في بيت المال.
ولما بايع الناس أبا بكر غدا على سوقه كما كان يفعل، فقالوا: فلا بد أن نجعل لخليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا يقيمه، قالوا: برديه إذا أخلقهما وضعهما وأخذ مكانهما، وظهره إذا سافر، ونفقته على أهله كما كان ينفق قبل خلافته. قال: رضيت. فجمع ذلك كله وحفظه، ثم أمر بني تيم فردوه في بيت المال. فخرج من الدنيا خفيف الظهر، خميص البطن. فلما فعل ذلك قال عمر: رحم الله أبا بكر، لقد شق على من بعده!
فإن قالوا: أوليس قد كان علي ينضح بيت المال في كل جمعة ويصلي فيه ركعتين؟
قلنا: إنا لم نكن في ذكر الأمانة والخيانة، لأن أبا بكر وعليا يرتفعان عن هذا الضرب من المديح، وعن هذا الضرب من الثناء، وإنما كنا في ذكر الزهد في المباح، وفي الإيثار والرفض للفضول، لأن بين الرجل يعطي ما له وعليه، وبين من يعطي ما عليه ولا يعطي ما له فرق.
ومما يدل على فضله أن الله أنزل فيه من القرآن ما لم ينزله في أحد

الصفحة 99