كتاب الوابل الصيب - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
عليه، مُنكَّدة، مُعذَّبًا فيها.
والضَّنْكُ: الضيق والشدة والبلاء، وَوصْفُ المعيشةِ نَفْسِها بالضنك مبالغةٌ، "وفُسِّرت هذه المعيشة بعذاب البرزخ، والصحيح: أنها تتناول معيشته في الدنيا، وعذابه في البرزخ؛ فإنه يكون في ضَنْكٍ في الحالَيْن (¬١) ، وهو شدة وجَهْدٌ وضِيق، وفي الآخرة يُنْسَى في العذاب.
وهذا عكسُ أهل السعادة والفلاح؛ فإن حياتهم في الدنيا أطيب الحياة، وفي البرزخ، ولهم في الآخرة أفضل الثواب، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْييَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: ٩٧] فهذا في الدنيا، ثم قال: {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧) } [النحل: ٩٧] فهذا في البرزخ والآخرة.
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) } [النحل: ٤١]، وقال تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [هود: ٣] فهذا في الدنيا، ثم قال: {وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} [هود: ٣].
وقال تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: ١٠].
---------------
(¬١) (ح) و (ق): "الدارين".
الصفحة 107