ولذلك قال ابن عباس لمن سأله عن الرؤية وأورد عليه {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}، فقال: ألستَ ترى السماء؟ قال: بلى، قال: أفتدركها؟ قال: لا، قال: فالله تعالى أعظم وأجلُّ (¬١) .
وقد ضرب الله سبحانه وتعالى لنوره في قلب عبده مثلًا لا يعقله إلا العالمون، فقال سبحانه وتعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣٥) } [النور: ٣٥].
قال أبيُّ بنُ كعب: "مَثَلُ نُورِه في قلب المسلم" (¬٢) .
وهذا هو النور الذي أودعه في قلبه مِنْ معرفته ومحبته والإيمان به وذكره، وهو نوره الذي أنزله إليهم، فأحياهم به، وجعلهم يمشون به بين
---------------
(¬١) لم أقف عليه. وورد نحوه عن عكرمة مولى ابن عباس، أخرجه الطبريّ في "التفسير" (٢٢/ ٥١٣)، وابن أبي عاصم في "السنة" (١/ ٣٠٧).
(¬٢) ورد قريبٌ منه عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، أخرجه الطبريُّ (١٩/ ١٧٩)، وأخرج عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه أنه كان يقول في قوله تعالى: {مَثَلُ نُورِهِ}: "ذَكَر نور المؤمن فقال: مثل نوره، يقول: مثل نور المؤمن".
فجعل الضمير في "نوره" يعود على المؤمن، وهذا يخالف اختيار المصنّف ونقله عن أُبيّ، وانظر: "اجتماع الجيوش الإسلامية" (٤٩) للمصنف.