كتاب الوابل الصيب - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

بصفائه، وتحصل منه الرأفة والرحمة والشفقة بِرقَّتِه، ويجاهد أعداء الله تعالى، ويغلظ عليهم، ويشتد في الحق، ويصلب فيه بصلابته، فلا تُبْطِل صفةٌ منه صفةً أخرى (¬١) ، ولا تعاديها، بل تساعدها وتُعاضِدُها، {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: ٢٩]، وقال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: ١٥٩]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ٧٣].
وفي أثرٍ: "القُلوبُ آنيةُ الله تعالى في أرْضه، فَأحَبُّها إليْهِ أرَقُّها، وَأصْلَبُها، وَأصْفَاها" (¬٢) .
وبإزاء هذا القلب قلبان مذمومان في طرفي نقيض.
أحدهما: قلبٌ حَجَرِيٌّ قاسٍ لا رحمة فيه، ولا إحسان ولا بِرّ، ولا له صفاء يَرى به الحق، بل هو جبارٌ جاهل، لا عالمٌ بالحق، ولا راحمٌ للخلق (¬٣) .
---------------
(¬١) (ت): "فلا تبطل صفة منه أخرى".
(¬٢) أخرجه الطبرانيُّ في "مسند الشاميين" (٢/ ١٩) عن أبي عنبة الخولاني مرفوعًا.
قال العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" (٢/ ١٦٩١):
"وإسناده جيّد". وانظر: "السلسلة الصحيحة" (١٦٩١).
ورُوِي من وجوهٍ أخرى مرفوعًا وموقوفًا.
(¬٣) (ح) و (ق): "لا علم بالحقّ، ولا رحمة للخلق".

الصفحة 121