كتاب الوابل الصيب - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

قالوا: فإذا كان دأبه دائمًا أنه (¬١) يصوم يوم عرفة، فصامه (¬٢) وصام يوم عاشوراء، فكيف يقع تكفير ثلاث سنين كل سنة؟
وأجاب بعضهم عن هذا، بأن ما فَضَلَ عن التكفير ينال به الدرجات (¬٣).
ويالله العجب! فليت العبد إذا أتى بهذه المكفِّرات كلِّها أن تُكَفَّر عنه سيئاته باجتماع بعضها إلى بعض. والتكفيرُ بهذه مشروطٌ بشروطٍ، موقوفٌ على انتفاء موانع في العمل وخارجه (¬٤)؛ فإنْ عَلِم العبد أنه جاء بالشروط كلِّها، وانتفت عنه الموانع كلُّها، فحينئذ يقع التكفير، وأما عَمَلٌ شَمِلتْهُ الغفلة أو لأكثره، وفَقَدَ الإخلاص الذي هو رُوحه ولُبُّه (¬٥) ولم يُوف حَقّه، ولم يقدّره حق قدره = فأيُّ شيء يكفِّر هذا العمل؟!
فإنْ وثق العبد من عمله (¬٦) بأنه وفّاه حقَّه الذي ينبغي له ظاهرًا وباطنًا، ولم يعرض له مانع يمنع تكفيره، ولا مُبْطِل يحبطه من عُجْبٍ
---------------
(¬١) "أنّه" من (ح).
(¬٢) (ت) و (م) و (ق): "أوصامه".
(¬٣) انظر: "المنهاج في شعب الإيمان" للحليمي (٢/ ٣٩٦ - ٣٩٧)، و"فضائل الأوقات" للبيهقي (٤٣٩)، و"شرح مسلم" للنووي (٢/ ١١٥ - ١١٦).
(¬٤) انظر: "منهاج السنة" (٦/ ٢١٦)، و"الجواب الكافي" (١٣) للمصنف.
(¬٥) "ولبُّه" من (م).
(¬٦) (ت) و (م): "نفسه".

الصفحة 19