خَلِدِينَ (٧٣)} [الزمر: ٧٣].
فعَقَّب دخولها (¬١) على الطّيب بحرف الفاء الذي يُؤْذِن بأنه سبب للدخول، أي: بسبب طيبكم قيل لكم: ادخلوها.
وأما النار، فإنها دار الخبث في الأقوال والأعمال، والمآكل والمشارب، ودار الخبيثين، قال الله تعالى: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٣٧)} [الأنفال: ٣٧] (¬٢)؛ فالله تعالى يجمع الخبيث بعضه إلى بعض، فيَرْكُمَه كما يُرْكَمُ الشيءُ المتراكب بعضه على (¬٣) بعض، ثم يَجْعَلُه في جهنم مع أهله، فليس فيها إلا خبيث.
ولما كان الناس على ثلاث طبقات: طَيِّبٌ لا يشوبه (¬٤) خبث، وخبيثٌ لا طِيْبَ فيه، وآخرون فيهم خُبث وطِيبْ، كانت دُورهم ثلاثة: دار الطيب المحض، ودار الخبيث (¬٥) المحض، وهاتان الداران لا تفنيان (¬٦)، ودار لمن معه خبث (¬٧) وطيب، وهي الدار التي تفنى، وهي دار العصاة، فإنه لا يبقى في جهنم من عصاة الموحدين أحد، فإنهم إذا
---------------
(¬١) (ت): "دخلوها"، والعبارةُ قلقة، وإن كان المعنى ظاهرًا.
(¬٢) الآية من (م).
(¬٣) (ح) و (م): (إلى).
(¬٤) (ح): "يشينه".
(¬٥) (ح) و (ق): "الخُبث".
(¬٦) انظر: "ابن القيّم حياته وآثاره" للعلامة بكر أبو زيد (١٠٩، ٢٣٩).
(¬٧) (ت): "خبيث".