الذاكرون (¬١).
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥)} [الأنفال: ٤٥]؛ فأمرهم بالذكر الكثير والجهاد معًا، ليكونوا على رجاء من الفلاح، وقد قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١)} [الأحزاب: ٤١]، وقال تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} [الأحزاب: ٣٥] أي: كثيرًا.
وقال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة: ٢٠٠].
فَقَيَّد الأمر بالذكر بالكثرة والشدة؛ لشدة حاجة العبد إليه، وعدم استغنائه عنه طرفة عين، فأيُّ لحظةٍ خلا فيها العبد عن ذكر الله عز وجل كانت عليه لا له، وكان خُسرانه (¬٢) فيها أعظم مما ربح في غفلته عن الله عز وجل.
وقال بعض العارفين: لو أقبل عبدٌ على الله تعالى كذا وكذا سنةً، ثم أعرض عنه لحظة، لكان ما فاته أعظم مما حَصَّله.
وذكر البيهقي عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه
---------------
(¬١) (ت): "فأفضل المجاهدين الذاكرون، وأفضل الذاكرين المجاهدون"، وهي بمعنى المثبت من (ح) و (م) و (ق).
وانظر: "تهذيب سنن أبي داود" (٧/ ١٢٦ - ١٢٧) للمصنِّف، و"فتح الباري" (٦/ ٧ - ٨)، و (١١/ ٢١٣) لابن حجر.
(¬٢) (ت) و (م): "وكانت حسراته".